أحداث و مقولات شكلت عبرا لمن يعتبر
جريدة المجد – 21/7/2008
كان الإنسان منذ فجر التاريخ و قبل ملايين السنين يفكر في هذا الكون ، الأرض وما عليها من جماد و حيوان و نبات و هواء و ماء و شمس و نجوم و كواكب و الحياة والموت ، و يتساءل في نفسه و يسأل غيره من أي جاءت هذه الكائنات و كيف وجدت و من أوجدها ، و كيف خلقت و كيف تموت ، و الذي يموت أين يذهب ، و نتيجة هذه التساؤلات ، و في مختلف أنحاء الأرض و في كافة الأمم و الشعوب ، كان هناك بحث عن القوة التي تقف وراء هذا الكون .
و مع اختلاف الأمم و الشعوب و اختلاف الظروف و اختلاف الزمان و المكان كان كل شعب يتوصل إلى معبود يسند إليه القوى العظمى التي تشرف على سير الكون ، ومن ثم بعد أن يتوصل إليها يسعى لعبادتها حسب طقوس يضعها العلماء و الحكماء و الفلاسفة ، ومن ثم بعد مئات و آلاف السنين تتغير النظرة لذلك المعبود ( الإله ) ، و قد يتوصلون إلى رمز آخر ، و هكذا مع الزمن تتطور الديانات من عباده إلى عبادة و كان هناك الشمس و القمر و النجوم ، و الهواء و الجبال و البحار و الأنهار و الأماكن المتميزة المختلفة ، و من ثم أحيانا قد تعبد بعض الشعوب الملوك و الزعماء و هذا حصل كثيرا من خلال التحولات الكثيرة للبحث عن الإله .
1- و في هذا المجال كان الشعب المصري القديم مثل بقية الشعوب لا يرسو على قرار ، و تروي القصص القديمة أن فرعون مصر – احد الفراعنة – و بمساعدة وزيره هامان تباحثا في موضوع المعبود ، و أن الشعب لم يستقر على قرار في هذا الشأن و هنا اقترح هامان على فرعون أن يدعي انه الإله أو الرب و يعلن ذلك على الناس من خلال عقد اجتماع عام يخطب في الناس و خلال الخطبة يقول للناس : ( يا أيها الناس إنا ربكم الأعلى ) ، فقال فرعون و إذا انتفض الناس و قالوا كيف أنت ربنا ، و أنت إنسان مثلك مثلنا ؟ فقال هامان إذا حصل ذلك و قد لا يحصل اعد الجملة و قل إنا رب كمي هذا و اشر على كمك و هنا تهدأ الخواطر ، أما إذا لم ينتفضوا فكررها مرة و مرتين و مع النظرات فإذا استقر الأمر فيصبح إعلان انك الرب حقيقة واقعة .
و فعلا حصل ذلك و خطب الفرعون و قال إنا ربكم الأعلى ، و سكت الناس و لم ينتفضوا و باركوا له و قالوا يعيش الرب ، و هان فكر هامان و فرعون في طرق إثبات أن الفرعون هو رب الناس و هذا يتطلب تزويدهم بما يطلبون لإثبات انه قادر على تلبية حاجات الناس و تم الاتفاق على ترتيب أن يجري الاتفاق مع بائعي العنب و التين والرمان و بقية الخضار على أن يجلبوا هذه الخضار حسب الطلب على دوابهم أول الليل إلى قصر الفرعون و هناك يدخل العمال هذه الخضار إلى القصر ثم إلى سطح القصر و ترتب بشكل جيد و في الصباح يستدعي الناس حول القصر و بإيعاز من الاستخبارات المنتشرة بين الناس يطلب بعض الأشخاص بلغة صريحة و واضحة يا رب انزل لنا عنبا ، ثم يتم الإيعاز للعمال على سطح القصر بان ينزلوا عنبا للناس ثم بإيعاز آخر يطلب الناس تينا ، ثم بعد ذلك رمانا ، و غير ذلك شرط أن يكون الطلب من ضمن الموجودات على سطح القصر حتى يتحقق الهدف ، طبعا بإيعاز من أجهزة الأمن و لا يجوز طلب أي مادة غير موجودة و أمنا الالتزام بطلب المواد الموجودة .
و هكذا أصبح الفرعون ربا لشعب مصر و صاروا يلهجون باسمه و يدعون له ويطلبون العون و دخول الجنة بعد الموت بواسطته ، المهم انه أصبح إلها .
سافر هامان من مصر إلى الشام لقضاء مهام الدولة و الرب فرعون و بعد مدة رجع من الشام و حضر إلى باب قصر فرعون يود الدخول ، و لكن حرس الباب حسب التعليمات من الرب فرعون يمنعون الدخول لأي شخص ، لان الله العظيم مشغول بخلق العنب التين و الرمان و الخضار للشعب ، فمنعوا إدخال هامان لأنهم لا يعرفونه ، و التعليمات صارمة و لا تقبل الاستثناء ، فما كان من هامان إلا أن استدعى كبير الحرس و قال له أرجو أن تدخل إلى الرب فرعون و تقول له رجل بالباب يقول لك ( على هامان يا فرعون ؟ ) ، و فعلا دخل رئيس الحرس و ابلغ فرعون الرب فما كان منه إلا أن انتفض و قال ادخلوه بسرعة و فعلا دخل هامان .
و إكمالا للقصة فقد سئل فرعون : كيف تفرعنت يا فرعون ، فقال من قلة من يقول لي لا و هكذا صرت الإله فرعون .
2- كان هناك قبيلة كبيرة منتشرة في مساحة من الأرض و كان لهذه القبيلة شيخ قوي و ظالم بنفس الوقت ، فتذمر الناس و بعض أصحاب الجاه في القبيلة و تداولوا فيما بينهم حول ظلم الشيخ و ماذا يعملون ؟ فكان أن استقر رأيهم على تشكيل وفد من عدة أشخاص معروفين من القبيلة لزيارة الشيخ في مقره ، و هناك استقبلهم و رحب فيهم وبعد الاستراحة قال "خير إنشاء الله ، شو هالزيارة " ؟ فقالوا يا شيخ نحن و الناس نشعر بالظلم منك و نريد أن نستفسر " هل هذا الوضع مطول" ، فصمت الشيخ و بعد قليل قال :"اصبروا علي سنتين فقال الحضور " يعني بعد السنتين ينزاح الظلم عنا و عن الناس"؟ فقال الشيخ : لا ، و لكنكم ستتعودون و انتهت المقابلة .
3- كان هناك شيخ قبيلة و له إخوة أقوياء و أبناء عم ، و بواسطة هذه العزوة من إخوانه و أبناء عمه كان يسيطر على القبيلة و بعد فترة فوجئ الناس بهذا الشيخ يشتري عبدا اسود ضخم الجثة قوي العضلات ، و صاحب همة و جسم قوي ثم اشترى لهذا العبد فرسا جيدة و اشترى له لباسا حسنا و اشترى له سيفا و خنجرا و صار أينما يذهب هذا الشيخ يرافقه العبد ، و العبد لا يتكلم فاستغرب الناس تصرف الشيخ ، و احتاروا في معرفة السبب ، إلى أن تحامل احد المقربين الموثوق بهم عند الشيخ على نفسه في احد الأيام و سأل الشيخ عن سر مرافقة العبد له على تلك الهيئة فقال الشيخ لصديقه : هل عندك للسر مكان فأجابه الصديق سرك في بئر و إنا عند حسن ظنك .
فقال الشيخ ، إنا و إخوتي و أبناء عمومتي نسيطر على القبيلة و إذا اختلفت إنا و أبناء عمي ، اغلبهم أنا و أخوتي ، أما إذا اختلفت مع احد أخوتي فاني أسوف ادفع العبد ليتحرش و يخوفه ، و بذلك أكون قد أخذت لكل أمر احتياطا للحفاظ على زعامتي .
4- و أخيرا .. اختم هذا القال بسرد حادثة حقيقية حصلت في إحدى قرى محافظة الكرك جنوب الأردن ، في شهر آب لسنة 2007 ، و هي أن فلاحا اشترى حمارا من النّور ، و كان هذا الحمار عنيدا لم يخضع لرغبات صاحبه من حيث الأعمال و الحراثة ، فما كان من صاحبه إلا أن ربطه بواسطة جنزير إلى وتد في الأرض و صار يضربه بعصا غليظة ضربا مبرحا ، على عدة وجبات و هو مربوط و وخزه بقضيب حديد و منع عنه الطعام و الشراب لمدة يومين كاملين .
ضعف الحمار و هزل و لكنه احتفظ بحقده على صاحبه ، و بعد يومين جاء صاحب الحمار و فك رباطه آملا أن يكون قد اقتنع و سار في طريق التطبيع ، و لكن ما أن فك رباط الحمار ، إلا و انقض على صاحبه بقوه ، يرفسه برجليه و يديه و رأسه ثم عضه بوجهه عضة قوية ، و سقط صاحب الحمار على الأرض مغشياً عليه حيث تم إسعافه إلى المستشفى و لكنه توفي على اثر الحادث ، و هكذا يكون هذا الحمار قد ثأر ضد الظلم الذي وقع عليه و ثأر من صاحبه الذي ظلمه ، و مغزى هذه القصة معروف .