تعشيب الحقل الوظيفي و الدوام الأسبوعي
العرب اليوم – السبت - 11/3/2000
بداية لا يسعني و قد ذكرت كلمة تعشيب في أول العنوان إلا أن أوضح معنى كلمة تعشيب لمن لا يعرفون معناها ، فهذه الكلمة هي مصطلح عند الفلاحين ، و إنا ابن فلاح ، كنت اسمعها و اعرفها و تعني قلع الأعشاب و الأشواك من الزرع وقت الربيع ، فعندما يقوم الفلاحون بحراثة أرضهم و زراعتها بالقمح و الشعير و العدس و الكرسنة في بداية فصل الشتاء و بعد أن ينمو الزرع و يصبح طوله عدة سنتمترات و مع نمو الزرع تنمو معه بعض الأعشاب و الأشواك و النباتات الغريبة بعضها بطول الزرع و بعضها أطول و بعضها اقصر و هذه الأعشاب تتغذى على الغذاء نفسه الذي يتغذى عليه الزرع و يؤثر على نمو الزرع ، فيصبح من الضروري قلع هذه الأعشاب لأنها شاذة و ضارة ، و هذا القلع هو ما يسمى بلغة الفلاحين "التعشيب" .
لا بد من هذه المقدمة حتى أدخل إلى موضوع تعشيب الحقل الوظيفي ، أي أن هناك موظفين كسالى أو تنابل في مختلف أجهزة الدول ، قد يكون مضى عليهم مدة طويلة فإنه و الحالة هذه يصبح لخير الصالح العام تسريحهم إلى بيوتهم و إحلال من هو أنشط منهم و أكثر إبداعا و مبادرة و إنتاجا ، بما يتلاءم مع تطور المجتمع و تطور الوظيفة و من ثم تطور الدولة ، و كما هو معروف فإن الأردن مليء بالكفاءات الجيدة ، المبادرة المبدعة المنتجة الراغبة في العمل و الخدمة و العطاء ، أضف إلى ذلك أن هناك بعض الموظفين الذين مضى على عملهم عشر أو عشرون سنة دون أن ينتج أو يبدع أو يبادر أو يطور و كأنما يكرر نفسه عشرين مرة و هذا النموذج من الموظفين لا يناسب التطور و الإبداع .
قد يقول قائل " قطع الأعناق و لا قطع الأرزاق " ، فمع احترامي لهذه المقولة إلا أنها تركز على العواطف الرحيمة ، و لكن مصلحة الدولة و مصلحة الحكومة و مصلحة التطور تقتضي عدم التعامل مع مصالح الدولة بالعواطف ، فالعواطف لها مجالاتها و لكن التسابق مع الأمم و الشعوب و اللحاق بحركة العلم و التطور و الإنتاج و الإبداع و العولمة و الكمبيوتر و الانترنت و وسائل العلم المختلفة بما فياه التكنولوجيا يقتضي الكفاءة و الحزم و القوة و الأمانة و إعطاء المبدعين دورهم في خدمة المجتمع و قيادته و في هذا الزمان على كل فرد أن يعتمد على نفسه و علمه و عقله عمله حتى يستطيع العيش في هذه الدنيا لا أن ينتظر الرحمة و الشفقة من احد حيث أن الذين ينتظرون الرحمة و الشفقة و المساعدة هم العجزة الذين لا يستطيعون الدخول في معترك الحياة ، و قد ورد في القرآن الكريم ﴿ من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربك بظلام للعبيد ﴾ .
و عطفا على التعشيب في الحقل الوظيفي ، فإني أفترض أن تكون الوزارة التي تحكم تتصف بصفة القوي الأمين و عليه فان كل موظف بعد الوزير مهما كان موقعه ، هو عرضة لأن يطاله التعشيب إذا كان غير صالح دون تمييز و لا واسطة و لا مسك خواطر ولا دعم من جهة متنفذة و التعشيب المشار إليه في كل ميادين الوظيفة دون استثناء يجب أن يصدر من المرجع القوي الأمين ( في إطار تقوى الله ) .
أما بالنسبة للدوام الأسبوعي للموظفين فان الأردن هو جزي من الشرق الأوسط و يجب أن يراعي في دوامه الأسبوعي ما يجري في فلسطين و سوريا و لبنان و العراق و السعودية و الخليج و مصر لان المصالح مترابطة في كافة المجالات أضف إلى ذلك انه لا مبرر لعطلة كافي للراحة الأسبوعية و بقية الأيام عمل لان حركة التطور عند الأمم و الشعوب بحاجة إلى مزيد من العمل ، و الإنتاج و يوم الجمعة يوم راحة و يوم تدين و يوم عبادة ، و يوم صلاة ، حيث ورد في القرآن الكريم ﴿ يا أيها الذين امنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيع ﴾ ، و نحن كعرب و كمسلمين نشعر بالراحة و الاطمئنان و العبادة يوم الجمعة و رسخ ذلك في ضمير الأمة .
أما بالنسبة للدوام حتى الساعة الثالثة بعد الظهر في الدوائر الحكومية فان تمديد الدوام من الساعة الثانية بعد الظهر إلى الساعة الثالثة بعد الظهر لا يفيد ، حيث أن الموظف يشعر بالملل بعد الساعة الثانية و لا يعطي و لا ينتج و يقضيها على مضض بانتظار أن تنتهي هذه الساعة ، فهي حقيقة ساعة انتظار و ليست الساعة عمل ، أضف إلى ذلك أن بعض الموظفين يجد عذرا و أعذارا لكي يغادر الدائرة الساعة الثانية و خاصة إذا كان رئيس الدائرة يغادر الساعة الثانية ، كما أكد الناس المراجعون لا يذهبون و لا يراجعون الدوائر بعد الساعة الثانية لأنهم تعودوا المراجعة حتى الثانية ، أضف إلى ذلك حركة الباصات التي تعود الساعة الثانية و كذلك الحاضنات و المربيات اللواتي يعتنين بأطفال الأمهات العاملات يشعرن بالضجر من الساعة الثانية حتى الثالثة ، و في حالة عدم توفر حاضنة أو مربية فأين يذهب أطفال المرأة العاملة من الساعة الثانية حتى الثالثة ، هل يمضونها في الشوارع في حين أن الأمهات العاملات ينتظرن تلك الساعة و لا يعملن بها ، بالإضافة إلى القلق الذي يحيط بهن على أطفالهن الصغار و لا حول لهن و لا قوة .
و قد يخطر على بال من يعارض أن يسأل عن الحل البديل فاني كمواطن اطرح ما يلي :
1- العطلة الأسبوعية هي يوم الجمعة من كل أسبوع .
2- الدوام يوم الخميس من كل أسبوع من الساعة الثامنة صباحا حتى الثانية عشرة ظهرا .
3- الدوام باقي أيام الأسبوع من الساعة الثامنة حتى الساعة الثانية ظهرا .
4- أن يلتزم رؤساء الدوائر و المؤسسات بالدوام المنتظم حتى يقلدهم الموظفون الآخرون .
5- هناك استثناء يتعلق بالطوارئ مثل الصحة ، الأمن العام ، و الدفاع المدني .
و رائد الجميع و شعارهم " العقل ، العلم ، العمل ، العدل " .