معاناة الأصدقاء و الخصوم
جريدة الوحدة - الأربعاء – 8/5/2002
قال كيسنجر وزير خارجية أميركا الأسبق : "صداقة أميركا مشكلة و عداوتها كارثة"
هذا القول لا بد أن يكون له أسباب و مبررات ، فقبل خمسمائة سنة من هذا التاريخ ، لم تكن أميركا قد اكتشفت ، و بذلك فهي لم تساهم في الحضارة الإنسانية التي امتدت على مدى آلاف السنين ، حيث لم يكن لأميركا قبل خمسمائة عام علاقات مع بلدان الحضارة الإنسانية الثلاثة ، آسيا ، و أوروبا و إفريقيا ، حيث ظهرت في هذه القارات الديانات الأرضية على مدى آلاف السنين ، و من ثم القيم و المبادئ و الأعراف و القوانين و الأنظمة ، و من ثم تبعها عصر الديانات السماوية ، التي عززت القيم النبيلة و جعلت الإنسان مهذبا و له قيم و مبادئ ، و من ثم علم و حضارة و عدل و عمل كل هذه الأمور كانت القارة الأميركية غائبة عنها غيابا كاملا ، و لدى اكتشاف أميركا في القرن الخامس عشر الميلادي ، وفد إليها المغامرون الباحثون عن المال و الأذكياء من قارة أوروبا ا لطامعون بالسلطة و الحكم و السيطرة و كان أن تقدمت أميركا و قويت اقتصاديا و عمليا و عسكريا و أصبح الإيمان بالقوة سواء كانت اقتصادية أو عسكرية هو هاجس الأميركي ، و في هذه الحال ابتعد عن القيم الروحية و الدينية و الرحمة و الإنسانية و ضعف الوازع الديني و أصبح لدى الإنسان الأميركي خواء روحي لأنه ابتعد عن الأديان سواء الأرضية منها أو السماوية و حتى عندما تشترك في الحروب مع أي عدو لا يوجد رادع إنساني عند التعامل مع العدو في حالات الحرب كما تأمر بذلك الأديان السماوية و الأرضية و الأعراف و القيم الإنسانية .
و اكبر مثال على ذلك عندما اشتركت أميركا مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية لم تتورع عن استعمال القنبلة الذرية ضد اليابان في ضرب جزيرتي هيروشيما و نكازاكي ، و في كل المقاييس لا يمكن أن نعتبر ذلك العمل إنسانيا ، حيث كان من الممكن الاستمرار بالحرب التقليدية دون اللجوء إلى استعمال القنبلة الذرية لو لم يكن هناك خواء روحي لا يستند إلى أي دين سماوي أو ارضي أو إنساني ، أو يخضع لأي قيم سامية في الأرض .
و ها نحن نرى أن أميركا سرعان ما تنقلب على أصدقائها في كثير من الحالات فعندما تستنجد بها دولة صديقة فإنها بعد أن تساعدها لا تخرج من أراضيها و تمص خيراتها و تستمر في تخويفها من الأعداء فكأمنا تستبدل تلك الدولة سيطرة دولة معادية بسيطرة أميركا الصديقة و تصبح أميركا عبئا ثقيلا على الدول الصديقة و دول الخليج ، اكبر مثال على ذلك حيث نراها تعاني بصمت من الهيمنة الأميركية و باعتقادي أن معاناة شعب العراق من الحصار و العدوان الأميركي اقل ثقلا من معاناة دول الخليج العربي الصديقة .
و لا بد من السؤال في هذا المجال ، كيف يمكن لأميركا أن تسير في ركب الإنسانية و التعاون السليم مع دول العالم و الإيمان بالله و القيم العليا و الجواب في اعتقادي هو انتهاج السياسية التالي :
1- أن تسحب أميركا جيوشها من كل أنحاء العالم ، و لا يبقى لها جندي واحد خارج حدودها .
2- أن لا تتدخل في النزاعات بين دول العالم، و تنتهج مبدأ الحياد التام.
3- أن تتعاون مع دول العالم في مجالات الاقتصاد و العلم باحترام متبادل .
4- أن تنشر بين الشعب الأميركي الإيمان بالله و بقيم السماء و عمل الخير و تشجع الرجوع إلى الديانات التي أوصلت الإنسان للاطمئنان الروحي و النفسي و المعاشي .
5- أن لا تدخل في أحلاف مع أي دولة و في أي مكان و هي ليست بحاجة لذلك .
6- أن تعمل هي و الدول الأخرى إلى نقل مقر الأمم المتحدة إلى دولة صغيرة ذات مناخ جيد و تاريخ و حضارة قديمة ، و تؤمن بفلسفة الخير في الحياة مثل اليونان و ليكن المقر المقترح جزيرة كريت اليونانية حيث تقع في وسط العالم تقريبا .