أشجع الشجعان هم الذين يقتلون في المعارك
25/9/2006
من خلال دراسة المعارك في تاريخ الحروب منذ أن بدأ الصراع بين الإنسان ، والإنسان و الجماعات و الشعوب و الدول منذ فجر التاريخ حتى هذا التاريخ نرى أن 75% من النصر تقريبا في أي معركة بين الطرفين يحققه الشجعان الذين يقتلون في المعارك و 25% من النصر تقريبا يحققه الذين لم يقتلون و أسعفهم الحظ و سلموا و تنسحب هذه النسبة بشكل أو بآخر على الجانب الذي خسر المعركة أي أن الشجعان أيضا في الطرق الآخر هم الذين يقتلون و لكن الظروف و الإمكانيات ساعدت طرف على طرف .
فمن خلال تصور أن أي جيشين يلتقيان في الحرب فان مقدمة كل جيش تضم أشجع فرسام الجيش و يحدث الصدام الأول يبن شجعان الطرفين في المقدمة و الميمنة و الميسرة فهؤلاء هم الذين يصطلون بنار المعركة و يتقلون الضربات القاسية من الطرف الآخر و بمقدار صمود المقدمة و الميمنة و الميسرة من كل جيش يكون ذلك ذا اثر كبير في نتيجة المعركة مع أهمية القلب و المؤخرة فالشجعان من الجيشين هم الذين يتقاتلون أولا و يقتلون و يقتلون ، و لا شك أن هناك قادة في القلب و المؤخرة له دور كبير في إدارة المعركة إلا أن أشجع الشجعان هم الذين يكونون في المقدمة مقابل مقدمة الطرف الآخر و لا يخفى أن معظم القتلى من الطرفين يكونون من مقدمة الجيش و ميمنته و ميسرته بمعنى أن هؤلاء من الجهتين يقدمون أرواحهم بكل شجاعة و يضحون من خلال صدام مرير و عنيف بهدف تحقيق النصر و الذي على الأغلب لم يشاهدوه و لم يتمتعوا به لأنهم يكونون قد قتلوا في وطيس المعركة و كثيرا ما ينسب التاريخ النصر في المعارك للقادة الذين يسلمون و لا يقتلون و يسجل التاريخ لهم ذلك و مع أنهم قدموا للمعركة لكن النصر يتحقق بتضحيات الذين يقتلون .
هناك نقطة يجب الإشارة إليها و هي أن الجانب الذي على حق و يؤمن بهدف معركته يكون لديه قوة مضاعفة و إرادة قوية لتحقيق النصر لأنه على حق هذا إذا تساوت الإمكانيات و الظروف بين الفريقين ، و في هذا المجال ، لا يسعني إلا أن اذكر أسماء بعض الشجعان الذين شهد لهم التاريخ بالشجاعة و التضحية من العرب سواء منهم من نجح في عمله أو لم ينجح ، و لكنه ضحى بروحه بشجاعة .
1- حمزة بن عبد المطلب .
2- زيد بن حارثة .
3- جعفر الطيار .
4- عبد الله بن رواحه و رفاقهم في معركة مؤتة .
5- الحسين بن علي .
6- عبد اله بن علي .
7- مروان الثاني الخليفة الأموي .
8- عبد الرحمن الغافقي .
9- عيسى العوام .
10- عمر المختار .
11- عبد القادر الحسيني .
12- جول جمال ,.
13- عبد المنعم رياض .
14- فراس العجلوني .
15- هادي الموسوي .
و مثل هؤلاء في كل شعب و كل امة كما يشير التاريخ ، وغيرهم كثير و كثير و كل هؤلاء و غيرهم من الذين تقدموا غير هيابين ، كان حاديهم يردد ما ورد على لسان الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود :
سأحمل روحي على راحتي و أرمي بها في مهاوى الردى
فأما حياة تسر الصـديق و أما ممات يغيض العـدا
هؤلاء الشجعان و أمثالهم هم الذين يسطرون نموذجا للتضحية في سبيل الدفاع عن الوطن و الأمة و يبذلون اعز ما يملكون و هي أرواحهم ، و يسطرون بأسمائهم سجل تاريخ الأمة .
و من المعروف أن الموت كاس على كل الناس ، فالكل يموتون : الشجعان و الجبناء ، فساعة الموت آتية على كل إنسان و لكن الشجعان يجعلون للموت قيمة ترفع شأن الأمة والوطن و يتركون لأولادهم و أحفادهم مجال فخر في مجتمعهم و يحظون باحترام كل الناس ، بلا استثناء ، في حين أن الذين يموتون و متهم ليس ذا قيمة ينساهم الناس ، و ينساهم التاريخ و تكون حياتهم و مماتهم دون معنى و لا مبدأ و لا هدف .
أعود إلى الفدائيين الفلسطينيين و العراقيين و اللبنانيين ، الذين قدموا و يقدموا أرواحهم في سبيل تحرير أرضهم و شعبهم ، فهم تماما يتقدمون الصفوف و هم أشجع الشجعان لأنهم يموتون في سبيل مبدأ و هو الدفاع عن الوطن و طرد الاحتلال ، هذا الاحتلال الذي طرد الشعب الفلسطيني من فلسطين ، و جاء بدلا منهم المستوطنين من كل أنحاء العالم فكيف يمكن أن تتحرر فلسطين دون التضحية و الاستشهاد و هذا الاحتلال الذي غزا العراق و دمر الدولة و الحرث و النسل بدون سبب مرر ، و كذلك الاحتلال الذي هاجم لبنان و دمر بنيته التحتية ، و يحتل جزءا من أرضه و استعمل كل مخترعات و آلات التدمير بشكل لم يحصل له مثيل في التاريخ من حيث قتل المدنيين الأبرياء حيث كان ذلك سابقة لم يعرفها التاريخ الحربي من قبل ، و ها هي مشاهد جنوب بيروت تؤكد ذلك ، أما التسميات المختلفة المشتقة من اللغات بصفات مختلفة مثل فدائي ، شهيد ، إرهابي ، مقاتل ، مقاوم ، معارض ، فهي أسماء لا تؤثر على الواقع و لا قيمة لها لان كل فداي مقاتل يختصر الكلام و التصريحات و الإذاعات و المفاوضات و الخزعبلات و الترضيات التي ترد في وسائل الاعلام و هو يقول بأعلى الصوت و ليسمع العالم :
أنا ثائر أنا حاقد أنا قاتل حتى تعاد إلى أصحابها الدار
فتحية للفدائيين الشجعان الذي يضعون الأساس لتحرير الأرض العربية و المطلوب من شرفاء الأمة مساعدتهم و احترام حياتهم و مماتهم .
بقي نقطة لا بد أن أشير إليها ، و هي أن المطلوب من المفاوضين الذين يتفاوضون مع العدو الغازي عليهم أن يتذكروا التضحيات التي قدمها الشجعان الذين قتلوا في سبيل تحرير الوطن ، بحيث تكون الأهداف التي تحققها المفاوضات متناسبة مع التضحيات التي قدمها الأبطال الشجعان الذين بذلوا و يبذلوا دمائهم و أرواحهم في سبيل تحرير الوطن و الإنسان و الدفاع عن كرامة الأمة و هؤلاء الذين يجب أن يُخلدوا .