مهد الحضارات و ارض الرسالات
جريدة الهلال – الثلاثاء – 22/2/2001
من خلال دراسة الجغرافيا و التاريخ ،و من خلال الثتمعن في خارجة العالم بقاراته الخمس يتضح أن منطقة الهلال الخصيب و الجزيرة العربية تقع تقريبا في وسط العالم ، و تكاد هذه المنطقة تشكل قارة صغيرة يحدها من الغرب البحر الاحمر ، و البحر الابيض المتوسط ، كما يحدها من الشرق الخليج العربيو ايرانو جبال زاغروس و يحدها من الجنوب المحيط الهندي كما يحدها من الشمال تركيا و جبال طوروس ، و يجب الاشارة إلى أن مساحة بلاد الشام و التي تضم سوريا و الأردنو لبنان و فلسطين هي 300 ألف كيلو متر مربع ، و سكانها 35 مليونا تقريبا ، كما أن مساحة الجزيرة العربية تبلغ ثلاثة ملايين كيلو متر مربع تقريبا و سكانها 40 مليونا تقريبا ، و إذا ما جمعنا المساحة الكلية للهلال الخصيب و الجزيرة العربية تصبح 3.750.000 كيلو متر مربع تقريبا ، و السكان 100 مليون نسمة تقريبا .
هذه المنطقة و من خلال موقعها المتوسط بين قارات العالم القديم الثلاث آسيا ، افريقيا، اوروبا، كانت حلقة اتصال بين الامم و الشعوب في القارات الثلاث ، على مدى السنين و على طول مسيرة التاريخ الإنساني على وجه الارض .
و بسب توسط الموقع و تلاقي الشعوب و الامم في كل حالات الحرب أو حالات السلم و بسبب التواصل فقد تزاوجت خبرات الامم و الشعوب في هذه المنطقة و ظهرت فيها الحضارات القديمة التي واكبت تطور الإنسان في مراحل تطوره منذ الإنسان القديم ، حتى الوقت الحاضر ، و ظهرت في مراحل متلاحقة الحضارات في بلاد الرافدين و ايضا الشام و اليمن و الجزيرة العربةي و كان أن اصبحت هذه المنطقة مهد الحضارات و كان تطورها و من ثم ظهرت فيها الرسالات السماوية و هي اليهودية و المسيحية و الاسلامية و قبلها كانت الديانات الارضية .
و من تتبع ظهور الانبياء و الرسل حسب ما ورد في الكتب فان جميع الانبياء و الرسل ظهرة في هذه المنطقة فقط ، و لم نسمع أو نقرأ أو نعرف أن رسولا أو نبيا جاء برسالة سماوية خارج هذه المنطقة على الاطلاق "الهلال الخصيب و الجزيرة العربية" ، و التاريخ البشري يؤكد ذلك ، و عليه فان مركز ظهور الديانات السماوية هو من هذه المنطقة و منها انتشرت الديانات السماوية الثلاث في انحاء العالم حتى اصبح من يدين بهذه الديانات السماوية الثلاث اكثر من ثلثي سكان العالم .
بقي سؤال لا بد من طرحه بعد ما ورد ، و هو لماذا لم تنعم هذه المنطقة بالهدوؤ و الاستقرار على طول مراحل التاريخ البشري , و حتى الوقت الحاضر ؟ و لا يوجد جواب واضح و لكن يوجد تساؤلات ، هل هو الموقع المتوسط بين العالم ، هل طبيعة السكان ، هل ظهور الحضارات ، هل ظهور الاديان في هذه المنطقة ، هل اطماع الغرب و الشرق في هذه المنطقة ، هل غنى المنطقة جلب لها عدم الاستقرار ، هل المناخ له تأثير ؟
هل صراع الاديان سبب عدم الاستقرار ، هل طرق المواصلات بين الشرق و الغرب و اهميتها سبب عدم الاستقرار ، هل مرض حب الزعامة و انشاء الدويلات الصغيرة سببعدم الاستقرار ، هل عقل ساكن هذه المنطقة ذو طابع خاص يتأخر عن عقول الآخرين ؟ هل الخيرات الكثيرة في هذه المنطقة سبب في عدم الاستقرار ، ؟ هل فشل دعاة الوحدة بين اقاليم هذه المنطقة في دولة قوية سبب الاطماع الخارجية .؟
و اخيرا هل ظهور البترول في هذه المنطقة في القرن العشرين جلب الوبال و عدم الاستقرار للمنطقة ، و هل انشاء دولة إسرائيل في فلسطين له هدف لدى الذين ساعدوا على انشاها في جعل عدم الاستقرار في المنطقة اسلوب حياة يعود عليهم بالنفع ؟