«أن يغضب الإنسان هذا أمر سهل، ولكن أن يغضب
في الوقت المناسب، ومن الشخص المناسب، وللهدف المناسب، وبالأسلوب المناسب،
فليس هذا بالأمر السهل» بهذه العبارة الشهيرة عرّف أرسطو الذكاء العاطفي
بكل إختصار... ولكن للذكاء أنواع وأشكال عديدة، فالذكاء كمفهوم هو القدرة
على إكتساب واستخدام المعلومات لإستيعاب المفاهيم العينية والمجردة، وفهم
العلاقات بين الأشياء والأفكار.
ولعل من أكثر مفاهيم الذكاء شيوعاً
هما الذكاء العقلي والذكاء العاطفي... فالذكاء العقلي ينتمي الى الوظائف
الذهنية كالقدرة على التفكير والمنطق وحل المشاكل بشكل تجريدي وإدراك
العلاقات المجردة... بينما ينتمي الذكاء العاطفي الى العاطفة ويكمن في ضبط
النفس كالتحكم في النزوات والمحافظة على الهدوء والقدرة على قراءة المشاعر،
وهذا النوع من الذكاء لا يمكن قياسه كمياً كالذكاء العقلي، بل يتم
بالتقدير إذ يحتوي على صفات غير قابلة للقياس كالإحساس بالذات وبالآخرين،
فيما يكون الذكاء العقلي وراثياً ويمكن تطويره وتنميته، فللبيئة المحيطة
بالفرد دور مهم في ذلك.
الذكاء كهبة ربانية للبشر لا تقف عند حد أو
توقفها إعاقة إذا وجدت عند شخص يحمل في داخله الكثير من التصميم والإرادة
والعزم، وأكبر مثال على ذلك هو العالم الفيزيائي الشهير «ستيفن هوكينغ»
صاحب نظرية التجربة التي تحاكي الإنفجار الكوني العظيم والتي تمت مؤخراً في
المنطقة الحدودية بين سويسرا وفرنسا... فقد أصيب هوكينغ وهو في 21 من
عمره، مرض التصلب الجانبي ALS، وهو مرض مميت لا دواء له، وقد ذكر له
الأطباء أنه لن يعيش أكثر من سنتين، ومع ذلك جاهد المرض وعاش مدة أطول، فقد
جعله المرض مقعداً تماماً غير قادر على الحراك، وبسبب إلتهاب أصابه إثر
عملية أجريت له بالقصبة الهوائية أصبح هوكينغ يستخدم صوتاً إلكترونياً...
لكنه ومع ذلك كله إستطاع أن يصبح من أهم علماء الفيزياء في العالم، وأن
يحظى بلقب وكرسي الأستاذية الأكبر الذي لم يعطى لأحد من قبل إلا «للسير
إسحق نيوتن».
فمن يتأمل بحياة هذا الشخص الضعيف جداً «هوكينغ» الذي
لا يستطيع أن يزيح ذبابة إذا هدت على وجهه... والذي أنعم الله عليه بهبة
الذكاء التي تفـوّق فيها على كثير من القدرات الطبيعية الموجودة عند البشر
يدرك عظمة الخالق الذي يضع سره في أضعف خلقه!!، فسبحان الله..
عالم
الذكاء هو عالم مليء بالأسرار الذي لا يدرك كنهه الحقيقي إلا الخالق جلت
قدرته، فلكل فرد منا نوع من الذكاء الذي يمتاز فيه عن الآخرين... لكن يبقى
دوماً أجمل أنواع الذكاء هو الذكاء الطيب الموجود بداخلنا والذي نوجّهه
لفعل الخير ومساعدة الآخرين... فهذه النعمة الربانية التي لا تُقدّر
بالمال، والتي إذا أحسنّا إستخدامها يمكن أن تساعدنا وتساعد المحيطين بنا
ومجتمعنا كثيراً في الحصول على حياة أفضل!!.
د. ديانا النمري