جميع الأردنيين يحبون وطنهم ... و لكن
الشعب – 30/9/1992
من الطبيعي أن يحب الإنسان العادي وطنه الذي ولد فيه ، و نما فيه ، و درج في ربوعه ، و عاش فيه طفولته و شبابه و في هذا الوطن عرف اقرانه و عرف اهله و عشيرته و تعلم في مدارسه و مؤسساته العلمية ، و شرب من مياهه و اكل من خيره ، و درس و تعلم تاريخه الذي هو جزء من تاريخ امته العربية و يشترك في هذا الحب و الولاء جميع الافراد سواء كان الفرد صغيرا أو كبيرا ، موظفا أو مسؤولا ، غنيا أو فقيرا ، قويا أو ضعيفا ، فيكاد الحب و الولاء للوطن أن يكون مشتركا بين جميع فئات و طبقات الشعب و هذا الحب ذاته يمكن أن نسميه الوطنية ، فكل مواطن اينما كان في الوطن يعيش في ظروف عادية هو وطني ، و في هذا المجال لا يحق لاحد أن يزاود على الاخرين في هذا المضمار و لكن لا ننكر أن هناك مثقفين نشطاء غيورين يريدون لوطنهم أن يتقدم نحو الافضل ، و أن يترجموا هذه الغيرة إلى عمل اكثر انتاجا ، مطالبين بان يكون كل موظف أو عامل أو مسؤول مخلصا امينا صادقا في اداء واجبه ، بعيدا عن الكسل و الغش و الرشوة و التعصب ، و الاهمال ، و نهب الاموال العامة ، و التبذير ، و ارتكاب الموبقات ، و جميع هذه الصفات طيبة يتصف بها المواطن الصالح و الذي هو هدف التربية و التعليم و هدف الديانات السماوية و الارضية ، و ما تدعو اليه كل القيم و المباديء السامية ، في جميع انحاء العالم ، بقي أن نقول انه من خلال مسيرة كل المواطنين الذين يشتركون في حب وطنهم و يعيشون فيه انه بسبب الظروف الشخصية و العائلية و البيئة الاقتصادية و الاجتماعية و السكانية و التعليمية بان هناك فارقا اقتصاديا كبيرا بين بعض المواطنين و البعض الاخر بحيث اصبحت نسبة معينة من المواطنين اغنياء جدا ، و نسبة اخرى متوسطي الحال ، و نسبة اقل من المتوسط ، و نسبة كبيرة فقراء و محتاجين ، و يعانون من ضنك العيش ، كما أن هناك نسبة تعيش تحت الفقر خاصة في الارياف و الاطراف و البوادي و الاغوار و جيوب المدن ، و في كل محافظة من محافظات المملكة و هذه حقيقة لا يمكن انكارها أو الاختلاف عليها ، و أن كان الاختلاف ممكنا حول النسبة و الموقع و درجة الفقر ، و عليه و ما داام هو الحال فان السؤال الذي يجب طرحه هو هل لهذه المشكلة من حل و الجواب هو انه لا يوجد مشكلة ليس لها حل ، و قد يختلف الكثير حول طبيعة هذا الحل و بالدراسة و الحوار و التداول و الاحصاءات يمكن الوصول إلى حل و خلاصته هو :
اخذ جزء من اموال الاغنيا ( جدا ) ، و توزيعها على الفقراء ( جدا ) ، و خذ جزء من اموال الاغنياء و توزيعها على الفقراء ، ، و تتبنى هذا المشروع وزارة تسمى مكافحة الفقر أو منظمة مكافحة الفقر على أن يكون لها فرع في كل محافظات المملكة اسوة بدائرة مكافحة الملاريا ، مع الأخذ بعين الاعتبار اجراء دراسة شاملة لمواقع الفقر و انواعه و درجاته في كل منطقة .
و لا ننسى أن نشير إلى أن الحكومة ( السلطة التنفيذية ) ، عليها واجب أن تقدم لمديرية مكافحة الفقر في الأردن جزءا من موازنتها على أن يشرف على هذه المديرية كادر من الموظفين و المسؤولين المشهود لهم بالكفاءة و الأمانة و الإخلاص على أن تضع خطة واضحة للقضاء على الفقر و جيوبه خلال فترة زمنية محددة اسوة بخطة القضاء على الاوبئة و القضاء على ظاهرة الرشوة ، و الفساد ، و ظاهرة الكسل .
و على ضوء ما تقدم ، و مع أن جميع الأردنيين يحبون الأردن ، و لكنهم يحبون العدالة ايضا و يحبون أن تسود في هذا الوطن مما يؤدي إلى ازدياد روابط الاخوة و التلاحم بين المواطنين كل من خلال موقعه الذي يتواجد فيه و لا ننسى انه عندما يتعرض الوطن إلى الازمات فان الواجب يحتم على جميع الأردنيين بلا استثناء تقديم التضحيات و عليه فالحقيقة الثابتة أن جميع الأردنيين يحبون الأردن و لكنهم يحبون العدالة ايضاً .