ثورة المائة عام لتحرير عرب آسيا لا تزال مستمرة
جريدة المجد – 6/9/2004
كان العرب يقطنون الجزيرة العربية قبل الثورة الاسلامية و يشكلون نسبة كيرة من سكان العرقا و الشام ، و كما هو معروف ، كان العرب في الجزيرة العربية يعيشون حالة من الفوضى و الحروب و الغزوات ، و كان معظمهم لا يدينون بدين سماوي ، و أن كان البعض يدين بالمسيحية و البعض الآخر يدين باليهودية ، كما كان بعضهم يعبدون الاصنام ، و كان الحروب و الغزوات هي ديدنهم و معاشهم اليومي ، و رغم محاولات هنا و هناك لتحريرهم من الفوضى و التخلف و توحيدهم في دولة واحدة في الجزيرة العربية ، إلا أن هذه المحاولات اخفقت ، كما كان العرب في العراق يعيشون تحت السيطرة الفارسية .
و العرب في الشام يعيشون تحت السيطرة الرومانية ، و كانت السيطرة في العراق للمناذرة و السيطرة في الشام للغساسنة ، كما كانت السيطرة الادبية و الاقتصادية في الجزيرة العربية لقريش .
ظهر الاسلام و جاءت الثورة العربية الاسلامية بقيادة الرسول محمد عليه السلام و صحبه سنة 610م ، و نشرت تعاليم الاسلام و ازاحت كثيرا من الرواسب و العادات و التقاليد غير المحمودة في الجزيرة العربية ، و توحدت الجزيرة العربية تحت راية الدوولة العربية الاسلامية لاول مرة في التاريخ ، و قد تم ذلك في زمن الرسول محمد عليه السلام ، و بعد توحيد الجزيرة العربية تحت راية الدولة العربية الاسلامية لاول مرة في التاريخ ، و قد تم ذلك في زمن الرسول محمد عليه السلام ، و بعد توحيد الجزيرة العربية توجه خلفاء الرسول ابو بكر و عمر إلى تحرير بلاد الشام و العراق ، و كانت معركة القادسية حيث تام تحرير العراق من الفرس و نشر مباديء الاسلام ، ثم كانت معركة اليرموك حيث تم تحرير بلاد الشام من الروم و نشر مباديء الاسلام .
كما تم بعد ذلك فتح مصر في خحلافة عمر بن الخطاب بقيادة عمرو بن العاص و انتشر الاسلام في مصر كما انتشرت اللغة العربية هناك .
جاءت الدولة الاموية ثم الدولة العباسية ثم الفاطمية تم تجزأت البلاد العربية و تقاسمها الامراء و الحكام ، و كانت نهاية النفوذ العربي و الاستقلال بتاريخ 1516 ، يوم معركة مرج دابق بين قانصو الغوري و السلطان سليم العثماني ، حيث وقعت منذ ذلك التاريخ كل البلاد العربية تحت النفوذ العثماني ، و استمرت سيطرة العثمانيين على بلاد العرب اربعمائة عام ، دون حراك من العرب ، و دون ظهور قادة يطالبون بالتحرير و الاستقلال و كأن على رؤوسهم الطير ، حيث كان الشعور أن الدولة هي دولة اسلامية و لا مبرر للثورة عليها .
و لم يأخذ العثمانيون بسبل التقدم و التطور و العلوم كما كان يجري في اوروبا ، و بقيت المسافة الحضارية بينهم و بين الاوروبيين بعيدة جدا ، و كنتيجة جتمية كان العرب يطون في النوم و السكون و الرضى بواقع الحال ، بحيث كانت نسبة التخلف كبيرة و بعيدة جدا عن العثمانيين ا لحاكمين ، و الذين بدورهم بعيدين جدا عن الاوروبيين ، و عليه قس دراجات تخلف العرب عن الاوروبيين بعد نوم اربعمائة عام و هم محكومون من قبل العثمانيين و الذين هم بعيدون عن سبل التقدم لدى الاوروبيين .
و لاسباب داخلية و خارجية و دولية منها شعور بعض القادة العرب في الاشم و العراق و الجزيرة العربية بظلم الاتراك مع بوادر الحرب العالمية الاولى ، و ما يترتب على ذلك من تحالفات تخدم مصلحة المتحاربين ، شجع البريطانيون القادة العرب على الثورة ضد العثمانيين ، و قدموا لهم المساعدات المالية و الاسلحة ، حيث كانت تركيا متحالفة مع المانيا في حين كانت بريطانيا و فرنسا في الجانب الاخر ، و لظروف كثيرة محلية و عربية و دولية كانت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن علي و بالتعاون مع بريطانيا و فرنسا ضد العثمانيين و ذلك سنة 1916م مع الاشارة إلى أن العرب وقعوا تحت السيطرة العثمانية سنة 1516. و هكذا بدأت الثورة العربية الكبرى و كانت اهدافها الاستقلال للجزيرة العربية و الشام و العراق ، و لم يكن من اهدافها ظهور دول مثل عمان و الأمارات العربية المتحدة و قطر و البحرين و الكويت و لبنان و فلسطين و الأردن ، حيث أن هذه المناطق هي اجزاء فرعية من اقطار اصلية حيث أن الجزيرة العربية كاملة دولة واحدة تشمل اليمن و عمان و الأمارات العربية المتحدة و قطر و البحرين ، و المملكة العربية السعودية .
كما أن العراق كاملا دولة واحدة تشمل العراق و الكويت ، كما أن الشام كاملة دولة واحدة تشمل سوريا و لبنان و الأردن و فلسطين .
و كانت هذه هي اهداف الثورة العربية التي قامت سنة 1916 ، و كما هو معروف فقد حدثت تغييرات كثيرة و نزاعات قبلية و مؤامرات دولية و خطط صهيونية قسمت المشرق العربي إلى 12 دولة كل واحدة منها ليست مستقلة استقلالا تأما على الاطلاق ، حيث أن البلاد العربية كما قال امين الريحاني :"انتقلت من عبودية الخلافة العثمانية إلى عبودية الانتداب الاوروبي و الذي تحول فيما بعد إلى عبودية الانتداب الامريكي" . بمعنى أن ثورة تحرير العرب في آسيا التي بدأت سنة 1916 لتحرير العرب و قيام ثلاث دول مستقلة استقلالا تأما و تتمتع بالحرية و الديمقراطية و لها دستور متفق عليه و فيها مؤسسات ديمقراطية و يسود فيها القانون و استقلالها كامل اقتصاديا و اجتماعيا و تربويا لم تحقق اهدافها و طالما أن هناك تخلفا في مجالات كثيرة اضافة إلى التعصب الديني و النزعة العشائرية و تفضيل مصلحة العائلات و العشائر و الاشخاص على مصلحة الوطن و الدولة ، فان الثورة العربية لم تحقق اهدافها في الحرية و الاستقلال و الديمقراطية ، و ذلك بقيام دول قوية و غنية و مستقلة و دستورية و ديمقراطية يسودها القانون و يحكمها الدستور المتفق عليه و الحرية الايجابية بحيث تكون في المشرق العربي ثلاث دول : "جمهورية الجزيرة العربية ، جمهورية العراق ، جمهورية الشام .
و حيث أن الثورة العربية الكبرى لتحقيق هذه الأهداف قد بدأت سنة 1916 و لم تحقق اهدافها فإن ثورة المائة عام لا تزال مستمرة ، رغم ما حصل من تقدم في المجالات العلمية و التربوية و الاقتصادية و العمرانية و الثقافية في بلدان اسيا العربية ، إلا أن الاستقلال التام نحو الحرية و الوحدة والعدالة و الديمقراطية لم يتم بعد ، و لا تزال طريق النضال طويلة لتحقيق الاهداف المقصودة ، و لا يجوز أن تكون الصعوبات و العقبات و الظروف المحلية و العربية و الدولية عائقا في سبيل تحقيق الاهداف ، و لا مبرر للاحباط و اليأس ، فمسيرة الامة و تحقيق اهدافها بحاجة إلى تضحيات مع الارادة القوية ، و الامل معقود على أن تتحقق الاهداف المنشودة بمرور مائة عام على بدء الثورة العربية الكبرى عام 1916 أي بحلول عام 2016 ، و قد قال الشاعر :
عرف الشعب طريقه و حد الشعب بلاده
فإذا الحـلم حقيقة و الأماني اراده