خرج الخوف من قلوب العراقيين و بقي عند الآخرين
العرب اليوم – الأربعاء – 10/3/1999
بعد أن انتهت الحرب العالمية الأولى و انهزمت الدولة العثمانية و خرجت الأقطار العربية من السيطرة العثمانية و بدأ الشعب العربي يصحوا و يتململ و يبحث عن طريقة نحو الاستقلال و الوحدة على آمل أن تتحقق الوعود التي قطعها الحلفاء للعرب و من أهم هذه الوعود قيام دولة عربية تشمل الشام و العراق و الجزيرة العربية دولة واحدة عدد سكانها ثمانون مليون نسمة و مساحتها ثلاثة ملايين و 342 ألف كيلو مرت مربع ، و لها كل مقومات الدولة القوية ، من أنها و اراض زراعية و موانيء على البحر المتوسط و الخليج العربي و المحيط الهندي و البحر الاحمر و صحار و جبال و سهول و منتجات زراعية و بترول و نخيلو معادن و حبوب و مراع و مواش و اسماك بالإضافة الى الموروث الثقافي و الحضاري و الديني و وحدة اللغة و التاريخ و الدين و المصالح ، كل هذه العناصر من شأنها أن تجعل هذه الدولة العربية دولة قوية غنية يعيش سكانها عيشا كريما و لها علاقات جيدة مع ايران و تركيا و أفريقيا لا تعتدي على احد و لا تساند العدوان و تقف بالرأي مع الحق و العدل و لا تشترك باحلاف أو حروب خارج الدفاع عن الوطن و يسود بين سكانها لعيش الرغيد و العدلو تساهم في بناء الحضارة الالمية مشاركة ايجابية بناءة بحيث يصدق فيها ما ورد في القرآن الكريم : ﴿ كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله﴾.
هذا كان أمل الاحرار العرب الذين قادوا الثورة العبية ضد السيطرة العثمانية و لم يكن يدور في خلدهم أن ينشأ في هذه المنطقة "الدولة" اثنتا عشرة دولة يتراوح عدد سكانها ما بين نصف مليون في بعضها و عشرين مليون في بعضها الآخر ، ناهيك عن قيام دول صغيرة جدا بالمساحة و السكان ، مما يجعل استمرارية هذه الدولة غير ممكن على المدى البعيد الا اذا سلكت طرقا مشبوهة من شأنها أن تضر بمصالح العرب و امة العرب و وحدة العرب و قوة العرب ، و مع ذلك فسيبقى هذا المطلب الدولة الواحدة في هذه المنطقة العربية هدفا للعرب الاحرار في المستقبل .
و من خلال انتعاش المد القومي المتحرر و صراع الحكم في العراق و سوريا حزب عربي قومي وحدوي يؤمن بالوحدة العربية و الجهة الايجابية والعدالة الاجتماعية هو حزب البعث العربي و بدأ يسير في ركال العلم و التطور و النهوض العربي و الدعوة لتحقيق الوحدة العربية لغاية اقامة الدولة العربية القوية العتية التي يسود بين ابنائها العدل و الحرية و تسير في ركاب التقدم العلمي و لم تسلم هاتان الدولتان من التآمر عليهما و على اهدافهما من قبل الدول الغربية و إسرائيل حيث أن هذه الدول تدرك أن تحقيق أهداف هاتين الدولتين يضر بمصالحها السياسية و الاقتصادية و تقلص نفوذها في المنطقة العربية فكثر و كبر التآمر عليهما من الدول القريبة و اعوانها من العرب .
و كان أن بدأ التآمر يأخذ طريقه الى العراق بداية فكان التجسس و كان تحريك الاكراد في شمال العراق و كان ضرب المفاعل النووي العراقي و كان نشوب الحرب العراقية الايرانية ثم كان زج العراق لاحتلال الكويت ، ثم كان ضرب العراق مدة اربعين يوما من قبل أكثر من عشرين دولة بما يشبة حربا عالمية ضد دولة العراق .
ثم الحصار المستمر ثم القصف المستمر ثم المقاطعة ثم حرمانة من التجارة مع العالم و من تصدير بتروله و تحريض الدول عليه بمختلف الوسائل و الاغراءات حتى الجيران و الاهل.
و لكن العراق لوحده بامكانياته الخاصة و بسكانه الذين لا يزيدون عن عشرين مليون نسمة و مساحته التي تبلغ 444 ألف كيلو متر مربع استطاع أن يصمد و يقاوم منذ سنة 1980 حتى الوقت الحاضر و هو يعيش حالة حرب مستمرة معلنة عليه من معظم دول العالم حتى الذين يتعاطفون معه لا يجرأون على ابداء رأيهم أو التأثير على أميركا و اعوانها و على رأسهم دولة إسرائيل التي ترى في دولة العراق الحديثة اكبر خطر يهدد وجودها و لذلك فهي تتبنى برنامجا كبيرا و مستمرا و متجددا للتآمر على العراق ، و مع الاسف لم يدرك بقية العرب لعبة إسرائيل و أميركا ضد العراق ، و ما أود الوصول إليه انه من كثرة ما عانى العراق اجواء الحرب و القصف و الحصار و ذهب الخوف من قلوبهم و اصبحوا جميعا شعبا شجاعا مقداما غير هياب ، و هو يعلم أن أميركا و بريطانيا و إسرائيل تشكل اعتى قوة في العالم "ومع الشكر لله و الله اكبر" فقد تجاوز العراق قدرة هذه الدول و اصبح شامخا قويا يرفع رأسه بكبرياء أمام العالم اجمع رغم المعاناة التي جعلته الدولة السابعة في العالم في المعاناة من الحرب و التدمير من بريطانيا و فرنسا و روسيا و المانيا و اليابان و فيتنام ، حيث يأتي بعد ذلك العراق ، و حيث أن تلك الدول تحولت المعاناة فيها من الحروب الى عامل دفع للأمام و اصبحت من اقوى و اغنى دول العالم فسوف يصل العراق بالصبر الى المرحلة التي وصلت اليها هذه الدول حيث كان الحق معهم ثم صبروا وقد ورد في القرآن الكريم ﴿ و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر ﴾ .
أما الآخرون فان الخوف سيبقى في قلوبهم من أميركا و حلفائها و سيبقون ضعفاء تحت السيطرة مسلوبي الإرادة و الكرامة و يتوقعون الرحيل أو البقاء بناء على رغبة اميكرا و مصالحها حيث أن امرهم ليس بيدهم بل هو بيد غيرهم بسبب ضعفهم و أود أن انهي مقالي بجملة واحدة هي مناشدة سوريا وا لعراق للتعاون و الالتقاء لخيرهما و خير امة العرب .