كلما شاهدت, عبر شاشات الفضائيات, عراقيا
يهرول في الشارع حاملا جثة طفل او جريحا او شاهدت امرأة تضرب صدرها ورأسها,
وهي مفجوعة بفقدان زوج او ابن او اخ سقط في العمليات الارهابية الشيطانية
التي تحدث في بغداد والموصل وديالى والانبار.. الخ. تعود الى ذاكرتي (سحنة)
الرئيس الامريكي السابق بوش وهو يتحدث عشية غزو العراق وتدميره عن الحرية
التي سيحملها جنوده الى الشعب العراقي.
اتذكر رامسفيلد, وزير الدفاع
الذي كان يتبجح بقدرة جيوشه على سحق النظام العراقي السابق, ولا انسى وجه
تشيني الذي ينضح بالكذب والدجل, اما الجنرال كولن باول فقد وقف في مجلس
الامن يروي اكاذيب اسلحة الدمار الشامل والى جانبه كوندوليزا رايس ومن خلفه
جورج تينت رئيس السي.اي.ايه. واتعجب, كيف ينسى العالم او يتناسى محاسبة
هؤلاء جميعا, خاصة بعد ان جاء رئيس امريكي (اوباما) ليعلن بوضوح, ان الحرب
على العراق كانت حربا اختارتها واشنطن في زمن المحافظين الجدد, ولم تكن
حربا للدفاع عن النفس ولا حربا ضرورية.
قد تكون القاعدة, هي التي
ارتكبت امس الاول, بدم بارد مجزرة قتل اطفال ونساء وشيوخ بالجملة بحجة انها
عائلات لرجال من الصحوة. وقد لا تكون القاعدة. فالشعب العراقي في (زمن
التحرير) و (العراق الجديد) اصبح مستباحا لكل الوحوش الكاسرة, هذه التي
انطلقت على ارض الرافدين تحت رايات (العالم الحر). بل تحت رايات أحقاد زمرة
المحافظين الذين ارادوا ان ينتقموا لـ هجمات 11 ايلول الارهابية, فلم
يجدوا غير العراق, الارض والوطن والدولة والشعب.
على فضائياتنا
العربية لا تقلب (الريموت) من محطة الى اخرى الا وتجد نفسك امام فيلم او
مسلسل امريكي, من خيال هوليود يحكي عن فظائع الارهاب المزعومة, التي تخطط
لتهريب اسلحة نووية الى نيويورك او واشنطن وغيرهما, فيما الافلام الحقيقية
عن الارهاب هي التي تحدث في شوارع بغداد وباقي المدن العراقية. على ارض
الرافدين تتوالد كل يوم الحقائق الدامية, وهناك في واشنطن أهرامات من
الاكاذيب والمزاعم. ووسط ذلك كله, تُطْمَس الوقائع التي تقول بان الارهاب
صناعة امريكية منذ كان (جهاد) في افغانستان. وقد تعزز وانتشر تحت رايات بوش
وبلير ورامسفيلد وتشيني وكولن باول وغيرهم من قادة "العالم الحر"! .
لو
كان هناك عدل, واخلاق, وقانون, ومجتمع دولي في هذا العصر, لكان بوش
ورجالاته في عهدة محكمة العدل الدولية لمحاكمتهم على قرار غزو بلد صغير من
العالم الثالث, بادعاءات وتبريرات كاذبة. قرار ادى الى مليون قتيل عراقي
وتهجير اربعة ملايين. وتقسيم البلد الى قلاع طائفية واثنية متصارعة, فيما
وجد الارهاب له ملجأ وميدانا لاستباحة الدماء البريئة يوميا.
اقول
لو; لان العدل والاخلاق ابعد ما تكون عن السياسة في عواصم الامبريالية التي
تستند الى مبدأ: "ان الحرب تصبح اخلاقية اذا إنْتَصرتَ فيها", كما يقول
المؤرخ تشومسكي, وان "المهزوم يصبح مجرما عندما يخسر الحرب فيما المنتصر
يصبح محرراً". السؤال وحسب هذا القياس: أين يقف الارهابيون من هذه
المعادلة? المعادلة التي تمثل شريعة الغاب, شريعة بوش وزمرته.
طاهر العدوان