دعوة إلى تشكيل حكومة فلسطينية في المنفى
جريدة المجد – 27/2/2006
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ظهرت مواد اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت بلاد الشام إلى أربعة أقسام منها فلسطين و بدأت الهجرة الصهيونية إلى فلسطين بمساعدة دولة الانتداب "بريطانيا" ، وتزايد عدد الصهاينة في فلسطين وظهرت منظمات صهيوني عقائدية و عسكرية لعبت دورا كبيرا في تثبيت مواقع للصهيونية في فلسطين ، و ما كاد الانتداب البريطاني أن يترك فلسطين حتى أعلن قيام دولة إسرائيل في 15 أيار سنة 1948 ، و ما تبع ذلك من تشريد أعداد كبيرة من الفلسطينيين عن ديارهم إلى الأردن و سوريا و لبنان و مصر و بقية أنحاء العالم ، و من ثم تدخلت الجيوش العربية و كانت جيوشا ضعيفة و ينقصها العتاد و وحدة القيادة و الهدف ، و بالنتيجة حصل أن بقيت الضفة الغربية مع الأردن ، و قطاع غزة مع مصر ، و أعلنت الهدنة على جميع الجبهات ، و بدأت إسرائيل تقوى ،و غرقت الدول العربية في مشاكلها الداخلية مع ضعف في القيادة و الهدف .
في ذلك الوقت كان كل عربي و مسلم و كل إنسان عادل في العالم يعرف أن فلسطين جميعها ارض عربية مع الاعتراف بان هناك قسما من سكانها يهود ، من يهود فلسطين القدامى ، و الجميع يقر و يعترف أن العمل على تحرير فلسطين كلها من الغزاة الصهاينة هو أمر مشروع و متفق عليه ، في حين كانت إسرائيل تسعى لعقد الصلح مع العرب حسب الواقع الجديد – إسرائيل بعد 15 أيار سنة 1948 – و كان العرب و الفلسطينيون يرفضون الاعتراف بإسرائيل رفضا قاطعا و معظم المسلمين في أنحاء العالم.
في عام 1965 بدأت منظمة فتح و جناحها العسكري العاصفة بإطلاق النار على حدود إسرائيل و القصد و الهدف و الإستراتيجية لفتح هي تحرير فلسطين ما قبل 15 أيار سنة 1948 ، يعني حيفا ، عكا ، يافا ، اللد ، الرملة ، بئر السبع و غيرها ، و كان كل فلسطيني حر و عربي مخلص و مسلم صادق يؤيد ما تهدف إليه منظمة فتح و لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، و حصلت حرب حزيران سنة 1967 ، و احتلت إسرائيل الجولان ، و الضفة الغربية كاملة و قطاع غزة بالإضافة إلى كل سيناء فكانت هذه النتيجة غير متوقعة من قبل أي طرف في أنحاء العالم.
من هنا بدأ الفلسطينيون يضغطون بواسطة الزعماء العرب على الأردن ليتخلى عن دوره في استرجاع الضفة الغربية و الاعتراف بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني ، و كأن الهدف كان تحرير الضفة الغربية من السيطرة الأردنية و تحرير قطاع غزة من السيطرة المصرية و خمد كفاح منظمة التحرير الفلسطينية تجاه إسرائيل و تركز على إزاحة الأردن و مصر عن طريق المنظمة و هذا ما حصل بعد مؤتمر الرباط سنة 1948 ، و أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة فتح هي قائدة الكفاح الفلسطيني و استبعدت الأطراف العربية .
أصبحت إستراتيجية فتح هي تحرير الضفة الغربية و قطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي و نظريا بعد جولتين من الانتفاضات الفلسطينية صغر الهدف و تراجع و تقلص على إعلان حكومة فلسطينية تحكم الضفة الغربية و قطاع غزة ، و طبعا هذه الحكومة لا حول لها و لا قوة و لا تستطيع أن تحقق هدفا و لا أن تمنع عدوان إسرائيل على العناصر النشيطة من الفلسطينيين و كانت تقتلهم في وضح النهار و الأسماء كبيرة و كثيرة و منهم : أبو جهاد ، و أبو إياد و عدوان ، و احمد ياسين و أبو علي مصطفى و الرنتيسي و غيرهم ، حسب إرادة إسرائيل و حسب اختيارها الأسماء المقرر اغتيالهم ، و لم اعرف و لم اقرأ و لم اسمع أن حكومة تتشكل تحت الاحتلال لا حول لها و لا قوة و يقتل منها يوميا عدد من نشطائها و مع ذلك يقولون أن هناك دولة فلسطينية و حكومة فلسطينية و وزراء و مكاتب و سيارات و استقبالات و مفاوضات و فنادق و قاعات و بدلات رسمية و ياقات و تقبل مساعدات و صرف هبات مالية و قروض كل ذلك تقوم به السلطة تحت الانتداب الإسرائيلي ، يا عجب ، و يا عجب العجاب ، هل هكذا عملت الثورة الجزائرية ؟ هل هكذا عملت الثورة الفيتنامية ؟ هل هكذا عملت الثورة اليمنية ؟
و أخيرا قتل رئيس الدولة المشار إليها أما سمع الفلسطينيين شعبا و قيادة و أمام الرؤساء العرب و المسلمين و قادة العالم و زعماء الأمم المتحدة ، و الأغرب من ذلك جاء قائد آخر ليحل محله و بنفس الظروف و لا اعرف ماذا يمكن أن يحققوا للشعب الفلسطيني ؟ و هل بقي من الثورة الفلسطينية شيء ؟
نعم بقي من الثورة الفلسطينية الشيء الكثير و على رأسه حركة حماس التي قاتلت تحت الأرض و حصلت على ثقة الشعب الفلسطيني في الداخل و الخارج ، و حصلت على ثقة الشعوب العربية و الشرفاء من القادة و كذلك حصلت على ثقة الشعوب الإسلامية و الشرفاء من القادة الإسلاميين بل حصلت على ثقة معظم أحرار العالم الشرفاء شرقا و غربا و شمالا و جنوبا و عن طريق الديمقراطية التي طالما تغنت بها الأمم المتحدة و الدول المتمدنة في العالم ,
و الآن ماذا على حماس أن تعمل ؟ و حسب رأيي المتواضع كمواطن عربي أردني من بلاد الشام فإنني اقترح ما يلي :
1- نزول كل المقاتلين الفلسطينيين من حماس و فتح و غيرها تحت الأرض و يحملون السلاح و يتحركون ضمن خطط محكمو مرسومة من قبل اختصاصيي حرب العصابات.
2- تشكل حماس حكومة فلسطينية في المنفى من حماس و آخرين و يكون مركزها في دمشق أو بغداد أو طهران أو أي مكان مناسب ، و لها أنصار في الداخل يتولون شؤون الشعب الفلسطيني .
3- تحديد هدف الثورة الفلسطينية و طباعة مبادئها في كتيب باللغات الأجنبية يقول :
• فلسطين كاملة لسكانها الأصليين ما قبل 15 أيار سنة 1948 ، من عرب مسلمين و مسيحيين و يهود .
• احترام الديانات الثلاث المسيحية و اليهودية و الإسلامية .
• الدولة القادمة في فلسطين دولة ديمقراطية .
• حقوق المواطنين في دولة فلسطين القادمة مكفولة للمسلمين و المسيحيين و اليهود .
4- يشكل وفد فلسطيني مفاوض يحدد أهدافه و لا يحيد عنها .
5- أن تبتعد حماس عن محرقة الكراسي .
6- أن يعمل الجميع تحت الأرض بعيداً عن المظاهر و السيارات الفخمة و اللباس الفاخر و القصور و الصالونات و أن يلبس الجميع "الجميع" الخاكي ، و تستمر الثورة الفلسطينية عشران السنين حتى تحقيق النصر .
7- الشرفاء العرب و المسلمون و شرفاء العالم يفهمون جيدا مبادئ الثورة الفلسطينية و يقدمون كل الدعم الممكن .
8- حيث حصلت حماس على ثقة اغلب الشعب الفلسطيني بانتخابات نزيهة فعليها أن تتنصل من كل الاتفاقيات السابقة التي تحول دون تحقيق الهدف المقدس و هو تحرير فلسطين كاملة لأهلها الأصليين و طرد الغزاة و لتكن بعد ذلك الدولة الفلسطينية التي تصلح نموذجا سليما لكل الشعوب العربية لتبني دولا على شاكلتها و يظهر عاليا صوت الشعوب العربية المدوي نحو الحرية و الوحدة و العدالة .