النفاق سنام الفساد و هناك سباق في النفاق
21/7/2008
النفاق ثلاثة أنواع ، أولا نفاق من اجل الكسب ، ثانيا نفاق بسبب الخوف ، ثالثا نفاق من اجل الوصول إلى المركز و النفاق بجميع أنواعه يوصل إلى عدم احترام الذات ، فالإنسان المنافق بالتأكيد يعرف بقرارة نفسه انه منافق و كذاب و أن ما يظهر على لسانه و موقفه و خضوعه يجعله في موقف الذلة و الضعف و التبعية و هو بذلك يفقد حريته و شخصيته الإنسانية ، و تنحدر كرامته الإنسانية في نظره و نظر أهله و ذويه و في نظر الآخرين ، الذين يشاهدوه في مواقف الذل و المهانة ، و تكون النتيجة انه هو لا يحترم نفسه و أهله و أولاده و ذووه ، لا يحترموه و المسئولون الذين ينافق لهم في قرارة أنفسهم لا يحترموه و يعرفون كم ثمنه ، و بالتالي فهم يكلفوه بأي مهمة تخدم مصالحهم و تحتاج إلى هذا النوع من الناس و الثمن هم يعرفوه .
و النفاق وجد مع وجود البشر ، و وجود القادة و الرؤساء ، و أصحاب النفوذ و أصحاب المال ، و من الجدير بالذكر أن السعادة ينشدها كل الناس و هي تختلف بين شخص و آخر ، بالنسبة لما يريد الإنسان و ما يرغب حسب حاجاته و ظروفه ، فالبعض ينشدها في الصحة و البعض ينشدها في الحصول على المال ، و البعض ينشدها في الجاه و المنصب ، و البعض ينشدها بالعلم ، و البعض ينشدها بتحقيق الغلبة على منافسيه و خصومه ، و البعض ينشدها بالأولاد و العز و العزوة ، و مهما كان نوع السعادة التي ينشدها الإنسان ، فإنها لا تتحقق إذا رافقها النفقات ، لأن دخول النفاق على النفس يفسد عليها كل أنواع السعادة ، لأن النفاق يؤدي إلى احتقار الإنسان لنفسه و احتقار الآخرين له ، و إذلال النفس البشرية التي أرادها الله مؤمنة صادقة طاهرة الضمير و على كل حال لن يكون قلب الإنسان و ضميره مطمئنا إذا اعتاد النفاق ، و النفاق يجر وراءه الرشوة و الفساد و الإهمال و الكذب و الابتعاد عن الحق و العدل ، و عندما يكثر النفاق حول صاحب القرار ترتبك عليه الأمور و تغيب الحقيقة و المعلومات الدقيقة و كثيرا ما يوصل النفاق شخص إلى مركز لا يستحقه ، و لا هو أهل له ، و ينعكس ذلك على مدى الخدمة العامة ، و قد ورد في القرآن الكريم آيات النفاق منها :
1- إن المنافقين يخادعون الله و هو يخادعهم – النساء .
2- مذبذبين لا إلى هؤلاء و لا هؤلاء و من يضلل الله فلن تجد له سبيلا – النساء .
3- إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم نصيرا – النساء .
4- ليعذب الله المنافقين و المنافقات – الأحزاب .
5- بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً – النساء .
6- المنافقون و المنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر و ينهون عن المعروف و يقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون – التوبة .
7- في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً و لهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون – البقرة.
و عودة إلى مطلب السعادة التي يسعى إليها كل إنسان حسب وعيه و عقله فقد قال الحكيم اليوناني أرسطو ( لكي تكون سعيدا عليك أن تكون فاضلاً ) ، و الفاضل تعني الإنسان الصادق الأمين الذي يؤدي واجبه بإخلاص على الوجه الأكمل ، و الإنسان الفاضل لا يكذب و لا يسرق و لا يزني و لا ينافق و لا يغدر و لا يعتدي على الآخرين مهما كانت صفة الاعتداء و يحترم الآخرين سواء كانوا مسئولين أو أناساً عاديين ، و الإنسان الفاضل مؤمن بالله العظيم و قدرته في هذا الكون ، و قد ورد في القرآن الكريم : ﴿ ألا بذكر الله تطمئن القلوب ﴾ و هناك فرق كبير بين احترام المسئولين و بين التذلل لهم بحيث يفقد الإنسان كرامته ، هذا و نلاحظ أنواعا مختلفة و كثيرة من أشكال النفاق في الصحف اليومية و الإذاعة و التلفزيون بشكل ملفت للنظر و تمجه العقول و الآذان و العيون و دون الدخول في التفاصيل .
و يجب الإشارة إلى أن كثير من النفاق يؤدي إلى السباق في النفاق للحصول على المكاسب ، و بمقارنة بين ما ينشر من أنواع النفاق في الوطن العربي و بين ما يجري في أي دولة أوروبية فيظهر الفارق بين الإنسان الذي يحترم نفسه و يحترم غيره و بين الإنسان الذي لا يحترم نفسه و يذل نفسه من حيث السمع و البصر و السباق على إظهار النفاق في كثير من مناحي الحياة التي تضر بالمجتمع ، و لا تفيده بل بالعكس تساعد على فساد الأخلاق و أضعاف القيم العربية النبيلة و مبادئ الدين الإسلامي السامية .
و ختاما اقترح على المسئولين عن الصحافة و الإذاعة و التلفزيون إنهاء مظاهر النفاق بجميع أشكاله و التصرف و القول بموضوعية و علمانية و إيصال المعلومة الصادقة و التصرف بشكل يدل على احترام الملقي و المتلقي في إطار العقل و العلم بعيدا عن