الانتخابات النيابية و صفات النائب و الكوتا النسائية و الصوت الواحد
الإثنين – 4/1/1999
لقد قرأت في جريدة الدستور في عددها الصادر يوم السبت الموافق 5/12/98 برقم 11245 ، و على الصفحة العاشرة عن مواصفات النائب و عدالة التوزيع و الكوتا النسائية و سهولة الانتخابات و الصوت الواحد .
و لاهمية هذا الموضوع ، و قد كتب و قيل فيه كثيرا ، كانت كل جهة تنطلق اما من مصالحها أو من ثقافيها أو من طموحاتها و رغباتها أو من الخوف على مواقعها ، و قد تكون هناك جهة خارج ما ذكر و لها رؤية حيادية نعتقد أنها صالحة لخدمة الوطن و الناس بشكل أفضل .
و في هذا المجال كما في غيره لا بد أن تختلف الآراء ، و كل رأي له حججه في أجواء الديمقراطية و التعددية السياسية ، و أن من حق الناس أن يختلفوا في آرائهم ، كل بأسلوبه الخاص ، و ضمن طروفه و موقعه و ثقافيته ، حيث أن الاختلاف حقيقة دائمة لدى البشر ، و يكاد يكون الاختلاف من سنن الحياة ، و قد ورد في القرآن الكريم الآيات التالية :
﴿ و ما كان الناس الا امة واحدة فاختلفوا ... ﴾ يونس 19
﴿ و لو شاء ربك لجعل الناس امة واحد و لا يزالون مختلفين ﴾ هود 118 .
﴿ و لو شاء الله لجعلكم امة واحدة و لكن يضل من يشاء و يهدي من يشاء و لتسئلن عما كنتم تعملون ﴾ . النحل 93 .
و عليه و مادام الاختلاف من طبائع البشر فيجب علينا ن نحسن فن الاختلاف ، و ذلك بالحوار الموضوع المبني على المنطق الهاديء ، الذي يعتمد المعلومات و الحقائق المهم أن نكون معا كلنا ، و أن نكون قادرين على احتمال الاختلاف في الآراء و التوجهات ، و عينا مبصرة ترى أن المستقبل لا يخص مجموعة أو فئة من الناس ، بل يخصهم جميعا دون استثناء ، و من حق كل منهم أن يساهم برأيه .
و في إطار احترام الرأي و الرأي الآخر ، فاني اطرح الرأي التالي حول مفهوم الديمقراطية ، الديمقراطية الواعية ، و من ثم الانتخابات النيابية و مواصفات النائب و عدالة التوزيع و الكوتا النسائية ، و من ثم الصوت الواحد ، و لكن رأيت قبل أن اطرح وجهة نظري أن أورد بعض الآيات التي وردت في القرآن الكريم :
﴿ قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون انما يتذكر اولوا الألباب ﴾ الزمر 9.
﴿ يرفع الله الذين امنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ﴾ المجادلة 1 .
﴿ هل يستوي الأعمى و البصير أم هل تستوي الظلمات و النور ﴾ الرعد 16 .
﴿ و هو الذي جعلكم خلائف الأرض و رفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلكوكم في ما آتاكم ﴾ الأنعام 165 .
و عليه و طالما أن مجلس النواب هو مجلس تشريعي يشرع القوانين للدولة ، و مجلس مراقبة يراقب أداء الحكومة و مجلس سياسي يخطط و يرسم سياسة الدولة ، و من ثم يناقش السياسات الداخلية للبلد و البلاد العربية و الدولية و العالمية ، و يبدي رأيه في كل الاحداث ، و لأن لرأية أهمية كبرى تحدث ردود فعل دولية ، و لأن قرارات مجلس النواب تصبح موضوع دراسة للحكومات الأخرى و مجالس نوابها كذلك ، فان هذه المهام الموكلة لمجلس النواب لا يستطيع القيام بها الا نواب من ذوي المعرفة و الاطلاع و الثقة و متابعة السياسة الدولية من خلال ابداء الرأي و اتخاذ القرار و استقبال الوفود البرلمانية و زيارة الدول الأخرى .
كل ما ذكرت يستوجب في كل نائب يصل الى قبة البرلمان و نحن على اعتاب القرن الحادي و العشرين أن يكون على درجة عالية من التعليم و الثقافة و الاطلاع و عليه فاني اقترح ما يلي :
• أن يكون حاصلا عى شهادة جامعية معترف بها لا تقل عن اربع سنوات بعد التوجيهي .
• أن يكون قد مضى على تخرجه من الجامعة عشر سنوات على الأقل .
• أن لا يقل عمره عن اربعين عاما ، و هو السن الذي كلف فيه الله رسوله بالرسالة .
• أن يعد بحثا مكتوبا لا يقل عن خمسين صفحة يمثل دراسة شاملة لمنطقته الانتخابية ، و يوضح برنامه الانتخابي و وجهة نظره في دفع الوضع العام نحو الافضل ، و تقدم هذه الدراسة مطبوعة على عشر نسخ توزع على مجلس النواب و الحكومة ، و الجامعات الرسمية و المجلس التنفيذي في منطقته الانتخابية ، و تجاز هذه الدراسة من لجنة مختصة من المنطقة الانتخابية .
• لا يجوز لمن سبق و أن ترشح للانتخابات النيابية و نجح أن يعيد ترشيحه مرة أخرى ، و التعليل أن اربع سنوات تكفي لان يعطي ما عنده من الافكار و النشاط و المساهمة .
و لا يسعني هنا الا أن أورد شرطا واضحا صريحا في الناخب و هو حق الانتخاب لمجلس النواب فقط لكل من حصل على شهادة الدراسة الثانوية العامة ( التوجيهي ) ، الصادرة عن وزارة التربية و التعليم أو يصادقع لعيها من وزارة التربية و التعليم اذا كانت صادرة من الخارج ، و لا مجال لأي اجتهاد آخر مثل ( أو ما يعادلها ) تلافيا للخلاف و الالتفاف.
و في هذه الحال يساهم في انتخاب النواب الناس المتعلمون المثقفونالذين يعرفون اهمية مركز النائب ، و تكون العملية سهلة منضبطة بعيدة عن التزوير ، و بعيدة عن الأغلبية التي لا تعرف اهمية ما تقدم عليه ، و بعيدة عن التعصب العشائري بعيدة عن عبث الناس البسطاء و الجهلة و المغرر بهم و الباحثين عن المكاسب المادية الأنية ، و لا يقدرون مصلحة الوطن و الدولة و المجتمع ، و بالتالي فهم غير قادرين على اختيار الذي يصلح و الذي لا يصلح و هم بشكل عام ابناء ساعتهم فقط ثم يتفرقون في الأرض و لا يعرفون ما الذي جرى وما ذا سيجري ، و هذه صفة موجودة لدى أكثر من 75% من شعوب العالم الثالث ، مع العلم أن من حقهم أن يتابعوا حياتهم و معيشتهم و تربية اولادهم ليدفعوا بهم الى الطبعة المتعلمة التي اشرنا اليها ، سواء كانوا ناخبين أو مرشحين ، حسب الشروط القانونية المذكورة ، و كل إنسان مسير لما خلق له .
اما بالنسبة للصوت الواحد فاني اقترح أن يعطى الناخب حق انتخاب نصف المقاعد المخصصة لمنطقته الانتخابية ، و اذا كان العدد 5 ، 7 ، 9 ، فإنه ينتخب النصف + 1 ، و في هذه الحالة يصوت للقرابة و الصديق و الوطن ، و في ظل ما اوردنا من شروط الناخب ستكون حصة الوطن من الناجحين اكبر و هو المطلوب ، بالإضافة الى انه في مثل هذا الظرف تتكون كتلتان أو أكثر و لا تستحوذ كتلة كبيرة قوية واحدة على المقاعد حسب النظام القديم .
اما بالنسبة للكوتا النسائية ، ففي ظل ما ورد من اقتراح ستكون الطبقة المتعلمة رجالا و نساء ، هي التي تؤثر على انتخاب المرشح ، سواء كان رجلا أم امرأة ، و مع ذلك فلا بأس من تخصيص مقاعد للنساء في المناطق الانتخابية الكبيرة اسوة بمقاعد الاخوة المسيحيين أو الشركس ، و تكون بداية مقعد نسائي من بين كل 6 ، 7 ، 8 مقاعد للمنطقة ، حسب مقاعد كل منقطة ، الى حين الوصول الى الوضع السليم للمصلحة الوطنية .
اما بالنسبة للتوزيع فمن المفروض على ضوء ما ذكر من شروط للمرشحين و الناخبين أن يكون النواب بنسبة عدد الناخبين ، و هنا فلا بأس من زيادة مقاعد بعض المناطق بالنسبة لمساحتها الجغرافية و بعدها عن العاصمة و قلة السكان فيها و حاجتها الى خدمات أفضل ، على أن لا يؤثر ذلك على التوازن العام الذي يهدف خدمة الوطن و الناس ، و العبرة ليست في عدد النواب بل العبرة للتوعية ، فالنائب نائب الأمة عندما يكون خبيراً .
قد يقول قائل و بالنسبة لمقاد البدو ، و هنا اقول أن القرن القادم يتطلب أن يدفع الجميع الى تقدم الشباب المتعلمين الى مراكز القيادة و التشريع ، و عليه فان العشائر و تجمعات البدو تضم لديها شبابا متعلمين تنطبق عليهم شروط الترشيح و الانتخاب ، و الاب فخور أن يرى ابنه يتقدم عليه ويحتل الموقع الذي يستحق و يساهم مع أبناء وطنه في خدمة الوطن و الشعب ، و يبقى والده و عمه و خاله موضع الاحترام و التقدير من قبل محيطه و من قل رجال الدولة و من قبل الابناء و من قبل زملاء الابناء الذين يتواصلون مع بعضهم البعض و يتعاونون في مجالات العلم و الثقافة و القانون و السياسة، و رائد الجميع خدمة الشعب وا لوطن ، و ليس الائتلاف على خدمة الفخذ و العشيرة و القرية و الطائفة.
ما ذكرت هو رأي لا ادعي انه أصلح الآراء ، و لكنه في تصوري يصلح و يناسب في هذه المرحلة ، و يمكن ادخال التعديلات عليه في الوقت الحاضر أو المستقبل أو اخذ ما يراه اصحاب القرارا مناسبا منه .