اقتراح عاصمة ثانية في القطرانة
الغد – 29/11/2005
قد يبدو هذا الاقتراح غريبا بعض الشيء و لكن قراءة هذا المقال حتى نهايته ستوضح الهدف من هذا الاقتراح ، و قد يصل القارئ إلى سلامة هذا الاقتراح من خلال الأسباب التالية :
أولا : ورد في الدستور الأردني من المادة الثالثة ( مدينة عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية و يجوز نقلها إلى مكان آخر بقانون خاص ) .
ثانيا : عمان كبرت ، و أصبح سكانها يزيدون عن مليوني نسمة ، و امتلأت بالناس و البنايات و الأنفاق و الجسور و المعارض و البنوك و الشركات و المؤسسات و السيارات بحيث أصبح عدد السيارات فيها يزيد عن المليون من ناحية و انتشار الغازات العادمة من ناحية أخرى ، أضف إلى ذلك ارتفاع الأسعار ، و أسعار الأراضي و افتقدت عمان الهدوء والراحة و الهواء النقي و البساطة .
ثالثاً : الهجرة إلى عمان من كثير الأطراف و المدن البعيدة و القريبة طلبا للرزق ، أو تحقيقا للطموحات المادية و المعنوية مما أدى إلى إفراغ كثير من المدن و القرى في الأطراف من السكان ، و أصبح العمران و الاقتصاد و التقدم في عمان على حساب أخوات عمان من القرى البعيدة ، من مدن معان ، و الشوبك و الطفيلة و الكرك و المفرق ، و أصبح الفارق الحضاري و العمراني و الاقتصادي بين هذه القرى و تلك المدن و بين عمان فارقا كبيرا يتجاوز المائة عام في عرف قواميس الاقتصاد و العمران و التقدم .
رابعا : حبذا لو ساهمت وحدات من الجيش و القوات المسلحة في إعمار مناطق الوسط و الجنوب من حيث السدود و الجسور و التحضير و تحسين الأوضاع .
خامساً : لا يخفى على احد أن القرى و مدن الأطراف و سكانها أصبحوا ينظرون إلى عمان نظر الغيرة و الحسد على اعتبار أن عمان سلبتهم بعض أبنائها ، و أخذت بناصية الاقتصاد و العمران و العلم ، كل ذلك على حساب تلك المدن التي تتوقف فيها حركة التقدم بيمنا تسير بسرعة في عمان ، و ببطء شديد في الأطراف .
سادساً : بشكل عام أصبح هناك في الأردن منطقتان : منطقة عمان المتقدمة من كل النواحي الحياتية من اقتصاد و علوم و عمران و حضارة و تقدم و قريب منها السلط واربد ، و المنطقة الثانية هي المفرق و الأغوار و الكرك و الطفيلة و الشوبك و معان ويكاد يكون الفارق الحضاري و الاقتصادي كبير جدا .
فالتقدم في عمان يكون – مثلا – بسرعة مائة كيلو متر في الساعة على حساب المسافات و السيارات بيمنا في الكرك و المفرق و الطفيلة و معان و ضواحيها تكاد تكون السرعة هي 20 كيلو متر في الساعة ، و إذا أخذنا استمرار نسبة التسارع التي تتضاعف كل يوم و كل شهر و كل سنة و خلال عشرين عاما تصبح المسافة الحضارية بين الطرفين بالآلاف ، بالنتيجة يحدث انفصام بين أطراف الدولة و بين عاصمتها ، و لا يخفى ذل على المتابعين من حيث ما يشاهده المسئولون و الناس من الفوارق الحالية الظاهرة للعيان و التي تزداد يوما بعد يوم ، و كأن مدن الأطراف و العاصمة عمان ليست ضمن دولة واحدة .
و هناك أسباب كثيرة يدركها المسئولون في الدولة كما يدركها المواطنون العاديون في الأطراف ، أما لماذا الاقتراح بان تقوم الدولة بإنشاء عاصمة ثانية للأردن في القطرانة وأن يخطط فيها كل ما يلزم لإنشاء عاصمة ثانية من المرافق و الأبنية و قصور المؤتمرات وأبنية للوزارات و ملاعب و ساحات و مطار و مساجد و كنائس و جامعة ، مع الإشارة إلى أن منطقة القطرانة هي منطقة سهلة و يبلغ طولها 30 كلم و عرضها 30 كلم و تتوفر فيها المياه بالإضافة إلى المياه في منطقة اللجون .؟
فإن ذلك إذا حصل يحقق ما يلي :
1- عاصمة هادئة منظمة ذات هواء نقي و بعيدة عن الضوضاء و الضغط و الغازات العادمة و الازدحام في كل المجالات و يتحقق فيها كثير من الايجابيات و تتخلص من السلبيات الموجودة في عمان .
2- القطرانة قريبة من عمان 80 كلم و من الكرك 40 كلم و من الطفيلة 70 كلم و من معان 120 كلم ، و قريبة من الصحراء كخط خلفي دفاعي ، و إنشاء عاصمة بهذا الموقع سينعكس على كل المدن التي ذكرت و تستفيد و تنتعش اقتصاديا و عمرانيا ، و تعم الخيرات على سكان الوسط و الجنوب و ينعم الجميع بخيرات الوطن .
3- تتوفر المياه الغزيرة في منطقة القطرانة كما أن المياه متوفرة بكثرة في منطقة اللجون الواقعة ما بين القطرانة و الكرك علماً بأن وجود الماء عامل أساسي في إنشاء المدن ، كما يمر بها خط الديسي / عمان .
4- ستكون العاصمة الجديدة ملجأ عند الضرورات عن الازدحام و الاختلال في عمان ، و هذه التوقعات ممكنة ، و قد سئل احد الحكماء ما هو العقل فأجاب : (العقل هو الإصابة بالظن و معرفة ما سيكون بما كان ) . و يجب أن تكون حاسة التوقع واردة عند العقلاء الذين يفكرون بالمستقبل و ما يفاجئنا به ، و هناك شواهد في مناطق كثيرة في العالم .
5- إن إنشاء مثل هذه العاصمة سينعش المناطق الوسطى و الجنوبية من الأردن ، وأشير إلى أن القطرانة تقع في منتصف المملكة الأردنية الهاشمية من الشمال إلى الجنوب ، حيث تبعد القطرانة عن الرمثا 250 كلم ، في حين تبعد القطرانة عن العقبة 250 كلم ، و في حال إنشاء هذه العاصمة ستحل مشكلة الفرق الكبير بين الوسط و الجنوب و بين عمان و ضواحيها التي ضاقت بسكانها و ناسها و المهاجرين إليها من العراق و لبنان وفلسطين و العاملين من مصر و يجب أن يدرك المسئولون ماذا ستكون عمان عليه بعد عشرة أو عشرين أو خمسين عاما ، و من هنا جاءت أهمية التخطيط للمستقبل .
الملاحظة الأخيرة ، أن التخطيط ينبغي أن يكون هادئا بعيد المدى لإنشاء عاصمة ثانية في القطرانة من خلال مراحل من تخطيط و تحضير البنية التحتية بحيث تصبح عاصمة نموذجية يكتمل فيها الإبداع و التنظيم لعاصمة جديدة بإشراف الخبراء المختصين ، و قد يستمر إنشاء هذه العاصمة عشر سنوات بحيث تصبح منظمة و نظيفة و هادئة و مجهزة من كل ما يلزم و من ثم تسر الناظرين و تنفع المجاورين ، و ممر جيد للمؤمنين .