اقتراح بان تكون جزيرة كريت اليونانية مركزا للأمم المتحدة
جريدة الهلال – 20/8/2001
مهلاً أيها القارئ الكريم فقبل أن تستغرب هذا الاقتراح عليك أن تقرأ المقال كاملا ، و بعد ذلك فمن حقك أن تحكم كما تشاء .
بداية أرجو و اطلب من القارئ الكريم أن ينظر مليا إلى خارطة العالم و خاصة القارات القديمة الثلاثة : آسيا و إفريقيا و أوروبا ، و كذلك إلى جزيرة كريت اليونانية التي تقع في البحر الأبيض المتوسط ، و هي جزيرة مستطيلة من الشرق إلى الغرب ذات مناخ جيد في الصيف و الشتاء ، و أرضها خصبة و يحيط بها البحر من كل الجهات و تقع في مكان متوسط بين القارات الثلاثة القديمة و كذلك في مكان متوسط من البحر الأبيض المتوسط الذي يشكل حلقة اتصال أساسية بين شعوب القارات القديمة الثلاثة منذ بدء الخليقة .
و بعد أن تطلع على الأطلس ، و تعرف جزيرة كريت بتمعن لك أن تسأل لماذا جزيرة كريت ؟
و هذا هو جوهر الاقتراح و السبب هو أن العالم القديم الذي نشأت فيه الحضارات و المدنيات على مدى آلاف بل ملايين السنين هو القارات الثلاثة آسيا و أفريقيا و أوروبا و كان الاتصال مستمرا بين شعوب هذه القارات و كان يتبادل الخبرات و المعلومات و التجارة و الزيارات و نقل كل ما يطرق علوم و لغات و أديان و قيم و عادات و طرق تعامل من منطقة إلى أخرى بسبب التواصل المستمر و حتى عن طريق الحروب المتوالية على مدى ملايين و آلاف السنين حيث أكد أن الحرب هي بحد ذاتها إحدى وسائل الاتصال و التعامل بين الأطراف و كما هو معروف من دراسة التاريخ أن الحضارات القديمة التي نتجت عن تطور الإنسان على مر العصور قد نشأت في الصين و الهند و إيران و العراق و الشام و الجزيرة العربية و مصر و شمال أفريقيا و أواسط أفريقيا و بلدان أوروبا و غيرها من بلدان القارات القديمة الثلاثة .
و لكون هذه البلدان و المناطق على اتصال مستمر فيما بينها عن طريق كل مجالات الحياة من تجارة و علوم و حروب و زيارات و تلاحم و احتلال و تزاوج كل ذلك جعل القيم السائدة فيما بين هذه الشعوب متقاربة و النظرة للإنسان متقاربة و التجارب متبادلة ، و كان قرب هذه المناطق و سهولة الاتصال بينها عن طريق البر و البحر يسهل تبادل خبرات هذه الشعوب فيما بيناه و كثيرا من الحضارات استفادت من الحضارات التي قبلها أو تجاورها و التاريخ يذكر ظهور فلاسفة و علماء و حكماء و قادة أفذاذ و منهم أنبياء و رسل و جميعهم قدم للحضارة العالمية جزءا مما هي عليه الآن ، و لم تقلل الحروب التي نشأت فيما بين هذه الشعوب من انتقال الحضارة و العلوم و القيم ما بين الشعوب المتحاربة أو المتحالفة فتكون من كل ذلك ما نراه من رصيد الحضارة العالمي اليوم و ما وصلت إليه من تطور .
ثم نعود لليونان ، فاليونان احد هذه المناطق و عاش فيها شعب عريق بالحضارة و العلم و الفلسفة و النظر للكون و الإنسان ، و كما هو معروف ظهر في اليونان حكماء و فلاسفة كثيرون لا أود ذكر الأسماء لأنه كثيرون و يكاد يكون فلاسفة اليونان هم من أقدم أساتذة العالم بما قدموا من فكر نير و كما اخذوا من غيرهم فقد اخذ الكثير عنهم و كما هو معروف فان المدينة اليونانية انتشرت و أثرت في كثير من شعوب و بلدان العالم و يجب أن ندرك جميعا أن ما يسود في مجتمعاتنا من قيم عليا في التعامل و مبادئ و تسامح و توحيد النظرة لاحترام إنسانية الإنسان هو حصيلة كل الحضارات التي سادت في القارات القديمة الثلاثة و جاءت الأديان السماوية لتؤكد بعض هذه القيم من حيث احترام الإنسان .
حيث أن ما لدى شعوب العالم اليوم من مخزون القيم العليا الذي تتعامل به هو نتاج ما سبقنا من شعوب و أقوام و الجميع يحترم هذه القيم و قلما يخرج عليها متجاوزا إلا في حالات استثنائية .
" و إذا ما نظرنا إلى وجود مقر الأمم المتحدة مؤسساتها في الولايات المتحدة الأميركية – نيويورك – نجد أن السيطرة الأميركية ظاهرة على فعاليات الأمم المتحدة و لا يخفى ذلك على احد لما للولايات المتحدة من قوة و سيطرة مالية و أدبية و عسكرية و مادية على غالبية دول العالم مما افقد الأمم المتحدة دورها الإنساني الفعال و أصبحت مسيرة من قبل أميركا ، و زاد الطين بلة امتياز حق النقض – الفيتو – الذي أعطى خمس دول قوية هي أميركا و روسيا و بريطانيا و فرنسا و الصين ، هذا الامتياز ، الذي لا مبرر له متطلعا إلى حب التسلط و فرض الرأي و خدمة المصالح الذاتية متجاوزا لكل القيم الإنسانية التي تدعوا إلى الحب و العدل ، و هذا الموضوع معروف لدى كل دول العالم و شعوبها ، و هذا الامتياز هو لا أخلاقي و لا إنساني " .
و حيث أصبح العالم في كل أمصاره معرضا للخطر و الدمار بسبب ما تطور إليه العالم من أسلحة الدمار الشامل و الأسلحة النووية و الذرية أصبح لزاما أن تعاد الصياغة في نظام عمل الأمم المتحدة بحيث تتحول أهدافها إلى أهداف أخلاقية إنسانية هدفها خدمة الإنسانية و كل الناس في كافة مواقعهم و حتى يحصل ذلك يجب نقل مقر الأمم المتحدة من أميركا و يجب إلغاء حق الفيتو – النقض – و يجب إعادة صياغة فعاليات مؤسسات الأمم المتحدة و تعديل نظامها بما يحقق الخير للإنسانية جمعاء و لا تسيطر دولة أو مجموعة دول على مصائر الشعوب ، و تلحق الظلم بدافع حب السيطرة و الأنانية و ليكن المرشد ما ورد على لسان الحكماء و الفلاسفة و العقلاء و الرسل و الأنبياء ، ليشكل خط سير أهداف الأمم المتحدة النبيلة في خدمة الإنسانية و بما يحقق الخير و العدل و التسامح و تقديم العون للمحتاجين و يعيش البشر بهدوء و سعادة و ليعبدوا الله و يشكروه كما أراد الله سبحانه و تعالى .
و أخيرا .. لماذا اقتراح أن تكون جزيرة كريت مقرا للأمم المتحدة و مؤسساتها فان الأسباب هي ما يلي :
1. اليونان من أقدم بلدان العالم الذي نشأت فياه الحضارة الإنسانية و كان فلاسفة اليونان هم أساتذة لكثير من علماء و حكماء العالم .
2. أن تخرج الأمم المتحدة من سيطرة الولايات المتحدة و غيرها من الدول الكبرى .
3. مناخ جزيرة كريت جيد و معتدل صيفا و شتاء ، و هي بلاد جميلة و هادئة و الإقامة فيها تشعر المقيم انه ليس تحت هيمنة دول تفرض رأيها بسبب قوتها المادية و العسكرية .
4. لأنها متوسطة في البحر الأبيض المتوسط بالنسبة للعالم و خاصة القارات الثلاث القديمة و التي نشأت فيها كل الحضارات الإنسانية و الأديان الأرضية و السماوية و جاءت القيم البيئية السائدة محصلة لتلك الحضارات .
5. تبدأ الأمم المتحدة عملها بموجب قوانين و أنظمة و لوائح جديدة عادلة تهدف لخدمة الإنسانية جمعاء و ليس خدمة مجموعة من الدول القوية بمنأى عن هيمنة الدول الكبرى .
6. و من ضمن هذه القوانين و الأنظمة و اللوائح أن لا ترسل الدول من يمثلها في الأمم المتحدة إلا رجالا ذوي خبرة و عدل و تجارب و نظرة إنسانية بحيث يكون الجهد من الجميع يصب في خدمة العدل و الحق و الإنسانية و مساعدة المحتاجين و تجنب الحروب و تدمير كل الأسلحة الذرية و النووية و أسلحة الدمار الشامل و نشر العدل و العلم و السعادة و الإيمان بالله و المثل العليا ، و تصبح جزيرة كريت عاصمة العالم الإنسانية و الروحية و بيت العدل و التسامح بين شعوب الأرض بما يسعد الناس و يرضي الله رب العالمين .