اقتراح بتغيير العاصمة عمان
جريدة العرب اليوم – 30/1/2000
مهلا ايها القاريء الكريم لا تتعجل بالاستغراب من عنوان هذا المقال و ما ارجوه هو أن تقرأ هذا المقال حتى النهاية و بعد ذلك فلك الحق أن تقول رأيك كما تريد .
عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية منذ 1921 ، و لا تزال و قد كان عدد سكان عمان عند تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية لا يتجاوز المئات و الآلاف و ها هي اليوم كبرت و توسعت في كل مجالات الحياة الاقتصادية و التجارية و العمرانية و السكانية و قد كبرت و كبرت ، حتى ضاقت بسكانها و قد هاجر اليها عدادا كبيرة و كبيرة من كل القرى و المدن الأردنية الاخرى ، كما هاجر اليها العرب نم كل صوب ، بالاضافة إلى الاخوة الفلسطينيين 1948 – 1967 ، و كذلك من العراق و لبنان و هي مليئة بالمصريين كذلك ، و اصبح سكانها مليونا و ربع لما هو معروف فقد امتلأت عمان بالعمارات و المؤسسات و الشركات و السيارات و الغازات العادمة و ضغط السكان كما امتلأت بالاموال بالملايين و المليارات من كل حدب و صوب ، قد يكون بعضها مشروعا و قد يكون البعض الاخر غير مشروع و الجميع من سكان عمان يلهثون و يعملون و يتذمون و هم في دوامة لا الغني فيها راض و المتوسط راض و الفقير راض و الجميع يسيرون و هم قلقون حائرون ، اضف إلى ذلك أن عمان لكونها مصدر الرق و الوظيفة و المركز و الوزارة و السلطة فان كل نم يقصدها يامل و يسعى و خلال امله و عمله و سعيه يجد أن ذلك لا ينفع إذا لم يرافق ذلك النفاق و التذلل و تجاوز الكرامة احيانا حتى يحصل على مطلبه و قلما يوجد من يصل إلى حقه الطبيعي دون أن يسلك سبل النفاق و التذلل أو اتباع احدى الشلل و احيانا تصل الامور انه يفقد كرامته ثم لا يحصل على شيء و أن عمان لا توفر الاستقرار و الطمأنينه و راحة البال لسكانها اضف إلى ذلك انها محسودة من كل المدن و القرى في الأردن باعتبارها مستحوذة على المنصب و الجاه و الوظيفة و المال و السلطة و لا اعتقد أن سكان الاطراف يوجد لديهم المودة و الاحترام لعمان لأنهم بكل بساطة يعتبرونها غاصبة لحقوقهم و رغم ما تحصل عليه من مكاسب لم تعد تتذكر اخواتها المدن و القرى الاخرى و لكنها دائما تتطلب هل من مزيد هناك فجوة نفسية كبيرة و كبيرة جدا بين عمان و مدن الأردن الاخرى و مع الاسف الشديد حتى النواب الذين تنتخبهم المدن الاخرى سرعان ما يرحلون إلى عمان للتقرب من المكاسب الكبيرة التي تنسيهم اهلهم و ذويهم و من انتخبهم و من ثم ينتظرون دورهم في كل تشكيل وزاري بحيث يقول سكان هذه المدن انه لم يحصل أن نودي حد يسكن اربدد أو الكرك أو الطفيلة أو معان أو الرمثا أو المفرق أو غيرها من مدن الاطراف ليشغل مركزا وزاريا فدائما الوزراء و المستوزرون هم من سكان عمان و أن كان محسوبا على الطفيلة أو معان أو الكرك أو الرمثا أو اربد على اعتبار أن سكان هذه المدن لا يوجد منهم من يصلح لتولي الوزارة لانه لا يسكن عمان و أن عمان استحوذت على 90% من ثروة الأردن في حين تعيش بقية المدن الأردنية على فتات 10% من الثروة اقصد الثروة الفاعلة العاملة التي تفيد الناس ، و يحسنون مستوى معيشتهم منها ، فهل بعد هذا من غبن ، في حين لم تتخذ أي حكومة خطوات عملية لتتقاسم العمل و الثروة بين الناس في الأردن ، و عل طول خمسين عأما و الحال على ما هو عليه .
ثم اعود إلى موضو اقتراح نقل العاصمة السياسية إلى مكان آخر باتباع الخطوات التاليه:
1- اختيار موقع مناسب جغرافيا و متوسطا لمكان العاصمة الجديدة من قبل المهندسين و خبراء المناخ يصلح للحاضر و المستقبل .
2- تخطيط و عمل البنية التحتية في الموقع المختار حسب الاسلوب المتبع في انشاء المدن .
3- يحتوي الموقع المختار قصرا للمؤتمرا و ابنية للوزارات و ساحات و حدائق و طرق و اتصالات و مسجدا جيدا و كنيسة جيدة و مكتبة سياسية و اجتماعية و اقتصادية و مكتب دراسات و تخطيط و مطارا صغيرا و المرافق القروية و كل ما يلزم للحكومة حتى تقوم بواجبها بالشكل الاكمل في جو نم الهدوء و التنظيم لكل النشاطات في اطار برنامج مدروس و باشراف حازم .
4- في اطار الفكرة يمكن اضافة أي شيء ضروري لجعل العاصمة قادرة على الابداع في خدمة الناس و الدولة.
5- ارجو أن اوضح انه ليس من ضمن الاقتراح نقل العاصمة أن تنقل إلى المكان المقترح البنوك و لا شركات و لا المتاجر الكبيرة و لا المؤسسات و لا معرض السيارات و لا الصفقات الكبيرة و لا مكاتب الأحزاب المرخصة أو غير المرخصة لا المتنزهات و لا الكباريهات و لا المسابح و الخ ... ، و لا البارات و لا دور السينما ، المطلوب نقل فريق العمل المنتج الدارس الواعي المخلص الآمن المثقف الذي يحترم المسؤولية و يهدف خدمة الوطن بعد اعداد الدراسات اللازمة و التخطيط السليم كما انه ليس من ضمن الاقتراح أن يلحق الباحثون عن المال و الكسب العاصمة الجديدة لانه ليس مطلوبا زيادة السكان في مركز العاصمة الجديد و لكن المطلوب الهواء النقي ، الجو اللطيف ، الهدوء ، الدراسة ، التروي ، الحوار ، التخطيط ، التغيير ، التقييم ، ضمن دراسات و خطط بحيث يترك الوزير للوزير الذي سيخلفه تصوراته عن الوزارة و ما كانت عليه و ما تم انجازه و ما هو معد أو مقترح للانجاز من قبل زميله اللاحق بحيث يكون البنيان سليما و على اساس متين .
و يكمل الوزير ما عمله سلفه و يترك لخلفه خطة عمل واضحة قد ينفذها و قد يعدل عليها و يكون ذلك مثبت بوثائق محفوظة جاهزة للاطلاع من قبل المعنيين .
و في هذا المجال ارجو أن اشير إلى انه لا يفترض أن تكون العاصمة لاي بلد هي اكبر المدن سكانا و اغناها مالا و اكثرها صناعة ، فهناك امثلة على ذلك فمثلا في باكستان كانت العاصمة كراتشي و هي اكبر مدن الباكستان و قد ارتأت القيادة الباكستانية في وقت ما أن تنقل العاصمة إلى اسلام آباد و كما عرفت أن العاصمة الجديدة اسلام آباد هي جيدة المناخ حسنة الموقع ، و هي مدينة ليست كبيرة وو لا مدينة تجارية و لا صناعية و اصبحت العاصمة السياسية و لا تزال ، و قد يكون هناك سبب أو اسباب للقيادة في نقل مكان العاصمة و هذا السبب أو هذه الاسباب لها كانت متوفرة و موجودة بحيث يجعل فكرة تغيير العاصمة عمان إلى مكان آخر فكرة معقولة و مقبولة و عادلة و مفيدة ، بل و ضرورية لان عمان كبرت و تضخمت بما فيه الكفاية حتى اصبحت تضيق بناسها و سكانها كما تضيق بها المدن الاخرى .
و هناك مثل آخر هي واشنطن عاصمة الولايات المتحدة فانها ليست اكبر المدن في الولايات المتححدة فانها ليست اكبر المدن في الولايات المتحدة بل أن سكانها يعدون بالآلاف في حين أن سكان مدينة نيويورك 12 مليون و مع ذلك فان نيويورك ليست العاصمة ، و أن هذا الحال لا يكون بدون سبب ادركه القادة هناك .
بقي أن اقول ملاحظة و هي انه كثيرا ما يتردد على لسان المسؤولين و الناس و الارصاد الجوية أن عمان و السلط و الزرقا و مادبا هي وسط الأردن ، و أن اربد و الرمثا و عجلون هي شمال الأردن و أن الكرك و الطفيلة و معان و العقبة جنوب الأردن ، و مع احترامي لم يرددون هذه المقولة إلا اني و اعتمادا على الخرائط المعتمدة من قبل الحكومة الأردنية اقول أن هذه المقولة خاطئة .
اذ أن شمال الأردن هو الرمثا ، اربد ، المفرق ، جرش ، عمان ، السلط ، الزرقا ، هذا جغرافيا ضمن الخرائط المعتمدة .
أما وسط الأردن فهو بالتمام و الكمال كما تؤكد الخرائط المعتمدة هي الكرك و الطفيلة .
أما جنوب الأردن كما تؤكد المخططات و الخرائط فهي معان و الشوبك و البتراء و العقبة و المدورة.
و من اراد أن يتأكد من هذه المقولة فما عليه إلا أن يحضر الاطلس أو خريطة الأردن و يتحقق جيداً و من ثم حتى يتأكد عليه أن يعرف مقاس الرسم ، ويحضر المسطرة و يقيس فسيجد أن مدينة الكرك تقع تماما من الناحية الجغرافية في وسط الأردن ( من الشمال إلى الجنوب ) ، تماما و أن المسافة ما بين الكرك و الرمثا هي 250 كيلو مترا تقريبا في حين أن المسافة ما بين الكرك و العقبة هي 250 كيلو مترا تقريبا .
بمعنى أن المهندسين و مختصي المناخ يستطيعون أن يختاروا مكانا جديدا مناسبا من حيث الموقع و المناخ في المسافة ما بين الرمثا و العقبة .
إن تغيير مكان العاصمة قد يتبعه تغيير في السلوك و الاسلوب و الاداء و الرجوع إلىمحاسبة النفس و استنهاض الضمير و التعرف على الوطن خارج عمان و هناك شعب طيب في كل ارجاء الأردن و يحب وطنه و يأمل أن يحصل علىحقه نم خيرات وطنه فتراب الوطن كله غال و ابناء الشعب شركاء بالسراء و الضراء و قد يكون تغيير مكان العاصمة خطوة لظهور شباب جدد لديهم الغيرة على خدمة الناس و يأخذون دورهم في خدمة بلدهم في مستهل القرن الحادي و العشرين مدفوعين بعنفوان الشباب في احين أن من خدموا و كبروا و استمروا عشرات السنين و هم في اعلى المراتب ، قد ترهلوا و اعطوا ما لديهم فالمطلوب منهم أن يستريحوا و يفسحوا المجال للجيل الجديدة و الكفاءات الجديدة و يتفضلوا و يقدموا خبرتهم لهذا الجيل من خلال كتابة تجاربهم و ملاحظاتهم و اقتراحاتهم ، فكل جيل له الحق في أن يعيش عمره و جيله و يمارس حقه في خدمة بلده و ليس من حق الكبار أن يستمروا في المسؤولية عشرين أو ثلاثين و اربعين أو خمسين عأما ، كأن النساء لا تحمل و لا تلد مثلهم ، فالمثل يقول لكل زمان دولة و رجال ، و اخيرا نأمل من الجيل الجديد الذي سيتحمل المسؤولية أن يتسلح بالقيم العربية لااصيلة و الاعراف العالمية الصالحة و مباديء الديانات السماوية و الضمير الحي و أن يكون شعارهم في العمل العقل ، العلم ، العمل ، العدل .