للأردن بعد المؤتمر الوطني الأردني
جريدة الوحدة – الأربعاء - 12/6/2002
ظاهرة تغيير الحكومات المتكرر في الأردن ، و كل حكومة تقرر ما تريد عمله في كل الظروف و لم نر أن المعارضة في الأردن على فرض أن هناك فعلا معارضة بالمعنى الصحيح قد غيرت في يوم من الأيام أو في أي ظرف من الظروف مجرى خط الحكومة أو اثنت الحكومة عن سيرها على مدى ثمانين عاما ، و اقصد من ذلك أن أي أمر كانت تريده أي حكومة في الأردن فإنها تعمله دون أي اعتبار للأصوات المعارضة ، و هذا مسجل على ضعف المعارضة على طول ثمانين عاما ، ثم انه في كثير من الحالات أو معظمها تقوم الحكومة بالتدخل المباشر أو غير المباشر ، هناك طرق عديدة في سير الانتخابات النيابية على مدى الثمانين عاما ، و لم يسبق أن جرت انتخابات نيابية نزيهة 100% ، دون تدخل الحكومة المباشر أو غير المباشر و التي هي في مجملها لا تعدو أن تكون فزعة عشائرية موحى بها من قبل الحكومة ، و من ثم يظهر المجلس النيابي حسب ما يريح الحكومة في تنفيذ خططها و أهدافها مع ظهور بعض الاستثناءات الفردية لتجميل المجلس النيابي أمام الرأي العام المحلي و العربي و الدولي ، بان هناك أصواتاً معارضة و لكنها في الحقيقة غير مؤثرة و بذلك استطاعت الحكومات المتعاقبة أن تجعل الحكم في إطار بعض العائلات التي تتداول الحكم .
2- الشللية حيث أن لكل مسئول أعوان و أصدقاء و يوصى بهم للعمل معه .
3- العشائرية التي تقوم على الفزعة و المحسوبية و الإكراميات و الترضيات في المجالات المختلفة .
4- المؤلفة قلوبهم و هم المنافقون الذين يطلبون و يطلبون و يحصلون مقابل ولائهم الإعلامي و الصحفي ، و مرض المؤلفة قلوبهم مرض مزمن .
5- الإقليمية حيث أن تداول المركز الرئيسي يجري تداوله بين أبناء الأقاليم بحيث يحصل التوازن بين توزيع المكاسب ثم يكرس التنافس و الحساسيات و يصبح دور المسئول هو الحصول على اكبر قدر من المنافع له و لذويه و أصدقائه ليحصل على دعمهم أولا ثم يحصل على مساعدتهم فيما لو احتلوا المركز الرئيس و هكذا ترى أن المغانم مقسمة بين العائلات و الذوات و المؤلفة قلوبهم و المنافقين الذي امتهنوا النفاق في المناسبات والصحف و المحافل .
6- الخصخصة و هي لا تعدو أن تكون مشابه لنظام الالتزام الذي كان سائدا في زمن الحكم التركي حيث كانت الحكومة تجد صعوبة في تحصيل الضرائب من الناس فكانت ناتجا إلى نظام الالتزام مثلا يأتي ضامن يضمن ضرائب المحافظة الفلانية بمبلغ من المال يؤديه للحكومة على دفعات و هذا المبلغ مضمون ثم يقوم الملتزم بمساعدة الحكومة إلى تحصيل إضعاف مضاعفة من الناس للمبلغ المتفق عليه و يستعمل كل الوسائل والحكومة تساعد أو تغض الطرف عن تصرفات الملتزم و النتيجة هو أن الحكومة تحصل على مبلغ ثابت من المال من الملتزم ، و الملتزم يحصل أضعاف ذلك المبلغ من الناس ، والناس يعانون و يتذمرون و يشكون و تحصل فجوة بين الحكومة و الناس ، و يوجد أمثلة كثيرة مثل شركة الاتصالات و شركة الكهرباء و يأتي على الطريق خصخصات أخرى ضد صالح المواطن .
7- ساد دين الانتخابات فترى أن النائب عندما ينجح بتكتل عشائري و يمثل 99% من الناجحين بعد أن ينجح سواء بقي نائبا أو أصبح وزيرا يكرس جل جهده و وقته لخدمة أبناء العشيرة الذين دعموه و نجحوه و كان الوزارة التي يتولاها أصبحت مزرعة له و لا احد يتدخل بها و ينسحب هذا العمل على معظم الوزراء دون الالتفات للمصلحة الوطنية و مستعد لان يتنازل عن قضايا وطنية و قومية مصيرية في سبيل الحصول على عدد من الوظائف لأبناء عشيرته و منطقته .
هذا الواقع المرير متكرر و لم يجر البحث عن تجاوز هذا الواقع المطلوب على ضوء تلك الدعوة إلى مؤتمر وطني أردني يشترك فيه أصحاب الفكر و الرأي في جميع أنحاء الأردن و يتم اختيار المشاركة فيه من قبل لجنة مشهود لأعضائها بالنزاهة و الحياد وتغليب المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار و تحدد هذه اللجنة من هم المشاركون و أسماؤهم وعددهم و تعقد المؤتمر في إحدى الجامعات لمدة ثلاثة أيام و ينبثق عن هذا المؤتمر مجلس التخطيط الأعلى يحدد أعضاؤه و تكون مهمته هي رسم سياسة الأردن الخارجية والداخلية و رسم السياسة التي تتبعها الوزارات على أسس ثابتة و معينة و عادلة .
و تكون مدة هذا المجلس خمس سنوات و مهمتها الإشراف على عمل أي حكومة تأتي في كافة المجالات و النشاطات ، و يضع أسس ثابتة للتعيين في وظائف الدولة لا يجوز تجاوزها بأي حال من الأحوال ، و هذا المجلس يحقق العدل في المجتمع و يخضع عمله الواضح المعلن للجميع ( إلى إشعار العقل و العلم و العمل و العدل ) ، دون تمييز بين شخص و آخر وجهة و أخرى ، أو حزب و آخر بحيث يلمس المواطن العادي أن العدل موجود و الأمن موجود و توفير مصادر العيش موجودة ، و أخيرا الكرامة الإنسانية موجودة لدى الناس في إطار الوحدة الوطنية و المصلحة القومية ، و أخيرا .. أن المؤتمر الوطني الأردني أصبح مطلبا ضروريا في ظل الظروف التي تجتاح المنطقة ، أما موضوع الانتخابات على الطريقة السابقة فلا تعدو أن تكون مهزلة و مضيعة للوقت و هدر للوقت و المال .