لماذا الشغب و التذمر في اطراف الدول العربية
جريدة المجد – 28آب 2008
نظرة الى خارطة الوطن العربي و متابعة ما يجري من شغب و تذمر و احتجاج في اطراف الدول العربية بعيدا عن العاصمة ، يتضح للمتابعين بأن هناك ظاهرة في الدول العربية تشير الى تقدم العاصمة و ضواحيها ، و بعض المدن التي بحكم موقعها فيها تقدم ملموس بالإضافة للعاصمة ، و لاكن الأطراف بشكل عام و في معظم الدول العربية متخلفة كثيرا عن العاصمة من حيث النشاطات السياسية و الثقافية و الفكرية والعمرانية و الاجتماعية و الاقتصادية .
و مع أن الجميع يدرك هذه الحقيقة الماثلة للعيان ، في معظم الدول العربية من المحيط الى الخليج الا انه لا تبرز نشاطات ملموسة لانهاء هذه الظاهرة حيث تنحصر النشاطات السياسية و الاقتصادية و العمرانية و الثقافية و غيرها في العاصمة و ضواحيها و كأن الأطراف ليست جزءا من الدولة ، و كأن الشعب و الناس في هذه الاطاف ليسوا جزءا من الشعب في تلك الدولة .
و مما تجدر الإشارة إليه أن نسبة التسارع بين العواصم و الأطراف تزداد يوميا و يتضاعف الفارق كثيرا ، فمثلا لو كانت سرعة التقدم الحضاري من جميع النواحي في العاصمة على حسابات الدرجات 70 درجة فإن سرعة التقدم الحضاري في الأطراف تكون 20 درجة ، و بهذا عندما تتقدم الحضارة في العاصمة 140 درجة تتقدم الحضارة في الأطراف 40 درجة ، و عندما يصبح التقدم الحضاري 210 درجة في العاصمة يصبح التقدم الحضاري في الأطراف 60 درجة و هكذا فالنسبة كبيرة و مرتفعة .
هذا هو واقع الحال ، و لم تجر أي محاولة من قبل أي سلطة مركزية في أي بلد عربي لمعالجة هذه الناحيية ، و ما دام أن اصحاب القرار و الوزراء و الوزارات و النوابو الاعيان و اصحاب النفوذ و اصحاب رؤوس الأموال و المتنفذين موجدون كلهم في العاصمة ، فمالذي يدفع عجلة التقدم في الأطراف ؟
و هناك أيضا ظاهرة الهجرة من الاطارف بشكل عام التي يقوم بها طالبوا العمل و الكسب و المعيشة المقبولة باعتبارها متوفرة في العاصمة على اساس النظرية التي تقول ( اطلبوا الرزق عند تزاحم الاقدام ) ، و تكون النتيجة تفريغ الأطراف من القوى العاملة و تبقى الأطراف خالية من المشاريع و خالية من الشباب العامل ، و تعاني من الفقر و التخلف و الحاجة في حين تتقدم العواصم بشكل ملحوظ بحيث يشك المراقب الحيادي بأن الموقعين ليسا ضمن بلد واحد ,
و قد يقوم بعض المسئولين في الدولة بزيارة الى الأطراف في المناسبات ، و هناك يستمع الى بعض المطالب و هي كثيرة و كثيرة و لا تسمح الموازنة بحلها مع العلم بان التقدم الحضاري في العاصمة لا يأتي من الموازنة و انما يأتي من النشاط الاقتصادي الحر ، و نشاط الجهات الثقافية و العلمية و الاجتماعية التي تتخذ من العاصمة مركزا و لا تهتم أو تحاول أن تفتح فروعا لها في الأطراف .
و علىكل حال فان معظم زيارات المسؤولين للأطراف لا تحل قضايا و حاجات هذه الأطراف و لا تتعدى الشكليات و الوعود التي لا تتحقق لأن الموضوع لا يتعلق بإرادة المسؤول أو ذلك ، و إنما يتعلق بالوضع العام في العاصمة من حيث التقدم في شتى المناحي و لا يقبل اصحاب رؤوس الأموال و الشركات و المؤسسات و الجمعيات و البنوك و المساعدات الخارجية أن تصل الى الأطراف و انما تتلقفها العاصمة .
لكل ما تقدم و غيره نلاحظ انه كثيرا ما يقع الشغب و التذمر و الاحتجاج على الدولة من الأطراف بحجة أن الدولة تهمل شؤونها حتى لنشعر أن الولاء في الأطراف تجاه مركز الدولة يتراجع باستمرار مع ابقاء الوضع الحالي على ماهو عليه .
و من خلال هذا الواقع لا يجوز بأي حال من الأحوال السكوت عن هذا الوضع و الا سيكون له عواقب وخيمة في معظم الاقطار العربية بحيث تفاجأ القيادة في مركز العاصمة بأن هذه الأطراف تطالب بحقوق جديدة و بمقاسمة الثروة و المشاركة في الحكم و توزيع ثروة الدولة على كل المناطق .
و الغريب أن السلطة المركزية كثيرا ما تلجأ إلى قمع شغب الأطراف و تصفه بالتمر و الانفصال و الخروج على القانون و التعاون مع الاجنبيو عدم الولاء للدولة و أن الإرهاب يعشش في الأطراف و غير ذلك من الافتراضات التي ما كان لها أن تظهر لو أن السلطات في المركز عاملت كل المناطق كوطن واحد و شعب واحد حتى لا ينفع الندم ، و الموضوع لا يتعدى المطالبة بالحقوق و المساواة بين ابناء البلد الواحد .