الطريق لتوحيد الصف العربي للدفاع عن الأوطان و الكرامة العربية
العراق مهد الحضارات منذ ملايين و آلاف السنين ، شعبه شعب عريق و قد لعب أدوارا هامة في تاريخ الإنسان و قد اخذ عنه كثير من أمم و شعوب العالم ودون الدخول في التفاصيل و إنما اكتفي بما قاله الشاعر العراقي الكبير .
حملنا للكون مسرى أبجديته و عنه كل الذين استكبروا نقلوا
و العراق هو الظهير الثاني لأمة العرب بعد مصر ، و هي الظهير الأول بكل المقاييس و الأسباب و المسببات فان مصر هي الظهير الأيسر للعرب و العراق هو الظهير الأيمن و الشام هي قلب العروبة و مصدر الإسلام .
في ظروف معينة تاريخية و اقتصادية و بعد خروج العراق من حربه مع إيران حيث دافع حقيقة عن العراق و الخليج العربي ضد الأطماع الإيرانية بعد ثورة الأمام الخميني ، و كما هو معروف فان هناك فكرا جديدا في إيران بعد الثورة و له منهج خاص و يحمله قادة يؤمنون به و يسعون لتحقيق أهدافه كما أن هناك فكرا قوميا في العراق و له منهج خاص و يحمله قادة يؤمنون به و يسعون لتحقيق أهدافه فقد حصل بالضرورة الصدام و الحرب ما بين العراق و إيران استمرت ثماني سنوات أنهكت الطرفين و كان هذا هدفا من أهداف أميركا و بريطانيا و إسرائيل بحكم أن ثورة الخميني في إيران و نظام الحكم في العراق ضد إسرائيل بكل صراحة و وضوح .
و دون الدخول في التفاصيل فقد انتهت الحرب الإيرانية العراقية حيث خرج العراق منها قويا عسكريا بما توفر له من خبرات عسكرية عملية ، و منهكا اقتصاديا بما كلفته الحرب من أموال و ديون .
و لأن أميركا و إسرائيل لا تقبلان بأي شكل من الأشكال أن تظهر دولة عربية قوية لديها خبرات عسكرية عملية من الميدان فقد جرى التأمر على العراق بكل الوسائل و الأساليب في المطبخ السياسي الأميركي – البريطاني – الإسرائيلي ، و يجب أن لا ننسى أن الأقمار الصناعية الأميركية كانت ترقب الحرب الإيرانية العراقية و خاصة خلال معركة تحرير الفاو حيث انتصر العراق و قدم من الشهداء 52 ألف شهيد كما ورد على لسان قائد الفيلق العراقي الذي قاد المعركة أمام وفود المؤتمر الشعبي العربي المنعقد في بغداد في شهر أيار سنة 1990 ، أثناء زيارة الوفد لمنطقة الفاو المحررة ، علما بأن مساحة الفاو لا تساوي ربع مساحة الجولان ، و لا 1/15 ، من مساحة فلسطين ، و عندما حضر الرئيس صدام لتهنئة القائد قال غدا سوف تحرر فلسطين ، و صار بعد ذلك الأعداء يحسبون ألف حساب .
كيف جرى التآمر الأميركي – البريطاني – الإسرائيلي ، على العراق ، نحن كمواطنين لا نعرف و هناك دوائر مختصة عربية و غير عربية تعرف كيف جرى التآمر على العراق ، و لأسباب يعرفها القادة العراقيون حصل غزو العراق للكويت و حصل ما حصل و لكل طرف رأيه الذي يقتنع به ، و يقف مدافعا عنه بكل صراحة و وضوح كما قال الشاعر :
قف دون رأيك في الحياة مجاهداً إن الحياة عقيدة و جهاد
حشدت أميركا أكثر من ثلاثين دولة ضد العراق ، كيف استطاعت أن تحشد هذا العدد من الدول ، لا اعرف !؟!؟ و لكن الذي يثير التساؤل هو كيف أن مصر العربية الظهير الأول للعرب دخلت هذا التحالف في حين أن العراق و الكويت دولتان عربيتان ، و كيف أن سوريا العربية قلب العروبة النابض و العراق ظهيرها الأول تدخل تحالف من هذا القبيل ، و إذا كان هناك عذر مقبول للكويت التي لها أن تستنجد بما يساعدها و كذلك دول الخليج ما عدا السعودية لها ما يبرر وقوفها مع الكويت لخوفها من التوسع العراقي .
إنني كمحام عربي أردني من جنوب الأردن ، لا اتبع أحدا و لا أجامل أحدا ، انه يحق لي أن اسأل و ابدي رأيي لأني عربي و يهمني جدا حال العرب ، و هم أمتي ، و إنا فرد في الأمة .
و يجب أن لا ننسى أن أميركا و بريطانيا قائدتا التحالف هما من أهم حلفاء إسرائيل و هما اللتان أوجدتا إسرائيل في فلسطين و أدى ذلك لتشريد الشعب الفلسطيني في أرجاء العالم بلا هوية و لا وطن .
حصل الذي حصل و في منطق القانوني فاني كمحام أشير إلى انه في قانون العقوبات المعمول به في كل الدول المتحضرة ، لكل جريمة عقوبة تتناسب مع حجمها و ضررها و تطابق العقوبة مع الجريمة تخفيفا أو تشديدا ، فهل ما قام به العراق من اعتداء على الكويت و من ثم خروجه منها مما يجعل العقوبة اخف هل تناسب عقوبة الحصار أكثر من عشر سنوات من قبل العرب على الأقل تتناسب مع الاعتداء الذي حصل و أزيل ، مع الأخذ بعين الاعتبار ما لحق بالشعب العراقي من أضرار تؤدي بالضرورة إلى أضرار بالأمة ككل و ها نحن نرى أن الكويت دولة مستقلة و تتمتع بثرواتها و كذلك دول الخليج في حين أن الشعب العراقي يعاني منذ عشر سنوات و يلعب العرب دورا كبيرا في تثبيت هذه المعاناة ، و قد يكون ذلك أما بسبب الحقد الذي لا يجيزه ديننا الإسلامي الحنيف ، و عفا الله عما مضى أو بناء على رغبة أميركا و التي تعمل لصالح إسرائيل عن طريق أضعاف العراق و منعه من نجدة إخوته الفلسطينيين .
و ها هو الشعب الفلسطيني العربي كما نرى و يرى العالم يذبح بأيدي الجيش الإسرائيلي - يوميا و لا حول و لا قوة إلا بالله – و كل فلسطيني في فلسطين يتألم و يطلب العون من العرب و يبكي مرددا قول الشاعر العربي :
لست ابكي لصف ليل طويل
و لا لربع غدا العفا مراحه
إنما عبرتي لخطب ثقيل
قد عرانا و لم نجد من أزاحه
كلما قام في البلاد خطيب
موقظ شعبه يريد صلاحه
اخمدوا صوته الإلهي بالعسف
و الإرهاب أماتوا ضد امة نواحه
هكذا المصلحون في كل صوب
رشقات الردى إليهم متاحة
إنا يا فلسطين الحبيبة قد سبحت
في لج الهوى و أي سباحة
شرعتي حبك العميق و إني قد
تذوقت مره و قـــراحه
إنا لا أبالي و إن أريقت دمائي
فدماء العشاق دوما مباحة
ضيع الدهر مجد قومي و لكن
سيعيد الشباب يوما وشاحه
كان لا بد أن اذكر ما ذكرت لأصل إلى الاقتراح التالي و هو ممكن أن يقوم ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير عبد الله و رئيس الجمهورية العربية السورية الشاب بشار الأسد ، و رئيس جمهورية مصر العربية حسني مبارك ، مجتمعين بزيارة بغداد ، و هناك سوف يكون القادة العراقيون سعداء بلقاء الإخوة العرب ، و يتصالح العرب و تتصافى النفوس و يرفع الحصار عن العراق ، و يعود العراق إلى العرب و يعود العرب إلى العراق و بالتضامن و التعاون ما بين سوريا و مصر و العراق و السعودية سوف يكون للعرب شأنهم أمام أصدقائهم و أعدائهم و يعرف العالم بشكل واضح أن العرب امة واحدة تتعاون فيما بينها و تقف صفا واحدا أمام الأخطار التي تحيط بالأمة و يصبح ممكنا الدفاع عن الأوطان و كرامة العرب و من ثم يساهم العرب في نشر العدل و الحق و يصدق فيها قول رب العالمين : ﴿كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ﴾ .
إذا حصل ذلك فإننا كمواطنين عرب نكون مسرورين و نشعر بكرامتنا و نعتز بأمتنا و تساهم امتنا في نشر الخير و السلام و الاستقرار في العالم .