العربي القوي الأمين
جريدة المجد - 26/11/2007
فلسطين بحدودها الطبيعية و بمساحتها الكاملة 27 ألف كم مربع ، و سكانها الأصليين هي جزء من بلاد الشام بحدودها الطبيعية منذ آلاف السنين حيث كانت بلاد الشام وحدة واحدة بسكانها الذين استقر بهم المقام على مدى آلاف السنين و ظهرت الديانة اليهودية كما ظهرت بعدها الديانة المسيحية ثم ظهرت بعدها الديانة الإسلامية ، و في صدر دولة الخلفاء الراشدين و الأمويين و العباسيين و الفاطميين و المماليك و الأتراك كان يعيش في بلاد الشام اليهود و المسيحيون و المسلمون و يسود بينهم التعاون و التسامح ، و المواطنون جميعا يؤدون واجباتهم تجاه الدولة و يتمتعون بحقوقهم مع بعض الاستثناءات التي تحصل مثل باقي جميع دول العالم و التي غالبا ما يكون سببها المتطرفون المتزمتون من أتباع الديانات الثلاث .
في الحرب العالمية الأولى جرت صفقات سرية و اتفاقات حرفت المسيرة العادية و جرى فيها التآمر و تحقيق بعض الطموحات و منها اتفاقية سايكس بيكو حيث قسمت الهلال الخصيب إلى دويلات مثل العراق و الشام و لبنان و الأردن و ارض فلسطين التي جرى التآمر عليها لصالح الصهيونية بهدف إنشاء وطن قومي لليهود ، و رم ما يشوب هذا الوعد من ملابسات إلا أن بريطانيا و الصهيونية غيروا الاتجاه لتصبح فلسطين بجزئها المحتل دولة إسرائيل و تزامن ذلك مع ضعف العرب و تفرقهم و جهلهم بألاعيب السياسة و وجود بعض الطامعين بتحقيق مكاسب معينة قامت دولة إسرائيل و أنشأت الكيان الصهيوني سنة 1948 و طردت السكان الأصليين من ديارهم و تفرق هؤلاء بين الأردن و سوريا و لبنان و مصر و العراق و يبلغ عددهم اليوم حوالي ستة ملايين يعيشون مشردين خارج وطنهم ( في حين يعيش في فلسطين حاليا خمسة ملايين ) ، و جميعهم يأملون و يعملون و يبذلون كافة الجهود و النشاطات للعودة إلى بلدهم الأم فلسطين ، و بشكل عام يكاد يكون هؤلاء الستة ملايين خارج دائرة المفاوضات التي تجري ما بين بعض القيادات الفلسطينية و قادة إسرائيل بدعم و مباركة من الدول العربية المحيطة التي تؤيد هذا السلام الناقص بسبب الظروف الدولية و المحلية و القومية و الاقتصادية التي تعيشها هذه الدول .
و بشكل عام هذه المفاوضات تتعثر و تتعثر و ستبقى تتعثر لأنها تجري خارج إطار الحق و العدل و تخضع لقوة إسرائيل المسيطرة .
و لن تنجح هذه المفاوضات رغم ضغط أمريكا و بريطانيا و أوروبا و بعض القادة العرب و القياديين الفلسطينيين الذين يتولون دفة المفاوضات .
و في هذا المجال أرجو أن اذكر أن التاريخ اثبت على مختلف العصور أن أصحاب الأرض سينتصرون في النهاية على المحتل الذي سيخرج مهما كان قويا و مهما كانت مدة احتلاله طويلة و ألاعيبه متجددة و الأمثلة على ذلك كثيرة فمثلا :
1- العرب مكثوا في الأندلس 800 عام و أخيرا خرجوا .
2- الصليبيون مكثوا في فلسطين و بعض أجزاء بلاد الشام 200 عام .
3- المغول و التتار الذين اجتاحوا العراق و الشام و بقوا مدة من الزمن .
4- الأتراك حكموا البلاد العربية 400 عام .
5- الانجليز حكموا جنوب اليمن 100 عام .
6- الفرنسيون حكموا الجزائر 150 عام .
7- الفرنسيون استعمروا فيتنام .
8- الأمريكان سيطروا على فيتنام .
9- الروس سيطروا على أفغانستان .
10- و الحلفاء سيطروا على ألمانيا .
11- الحلفاء سيطروا على اليابان .
12- الاتحاد السوفييتي سيطر على كثير من بلدان شرق أوروبا .
و إذا نظرنا إلى سيطرة الصهاينة على فلسطين فنرى انه مضى عليها فقط ستون عاما ، و ما أهمية ستين عاما في عمر التاريخ و الشعوب ، مع الإقرار بان الأمة العربية كانت صحوتها بعد الحرب العالمية الأولى سنة 1914 و لم يمض مائة عام على هذه الصحوة ، و بشكل عام الأمور تسير نحو التقدم و الوعي الذي سيحقق النصر و الوحدة و المساهمة في الحضارة العالمية من موقع الند للند مع الإشارة ثانية إلى أن النصر على مدى التاريخ يكون لا صحاب الأرض .
و عودة إلى الحل السلمي الذي يطرح هذه الأيام و المفاوضات و السلام و الموافقة و المعارضة فان العرب الذين يؤيدون المفاوضة مع إسرائيل على طريق الحلول السلمية المطروحة بما فيهم المفاوضون الفلسطينيون و بعض الزعماء العرب و رجال الأعمال الذين يقومون بدور الوسطاء ، كل هؤلاء لا يتجاوز عددهم الخمسة آلاف شخص في حين أن ثلاثمائة مليون عربي لا يؤيدون التفريط بشبر واحد من فلسطين بل يؤيدون عودة جميع الفلسطينيين الذين خرجوا من فلسطين إلى بلادهم و أراضيهم و دورهم .
و مع تقديرنا لظروف المفاوضين الفلسطينيين و خلفهم بعض الزعماء العرب و رجال الأعمال و أصحاب المصالح لتحقيق المصالحة و ما يعانون من ضغوط دولية و عربية و إسلامية و اقتصادية و ظروف محلية و الحفاظ على المكاسب و المصالح فأنهم لا و لن يستطيعوا تحقيق السلام العادل الذي يعيد المطرودين إلى ديارهم و أوطانهم مهما كانت المفاوضات و مهما كانت المبادرات و مهما كانت الألاعيب و نشر ثقافة السلم و إعطاء التنازلات .
و نعود إلى المفاوض العربي القوي الأمين الذي لم تجلس معه إسرائيل و لا أمريكا و لا بريطانيا و لا يعرفه القادة الفلسطينيين في فلسطين .
هذا المفاوض العربي القوي الأمين يرى من خلال الحق و العدل و يقول :
1- فلسطين بكامل حدودها من البحر حتى النهر تعود لسكانها الأصليين من عرب و يهود كانوا يسكنوها قبل 1936 حيث كان يعيش فيها اليهود و المسيحيون و المسلمون و غيرهم و هؤلاء متساوون بالحقوق و الواجبات يسودهم التعاون و التسامح الديني .
2- يعود كل الفلسطينيين المهجرين إلى فلسطين مع تلقي التعويضات العادلة عن تشردهم و ما فقدوا من حقوق و هذه التعويضات تجبى من أمريكا و أوروبا .
3- يعود الصهاينة الذين قدموا من أوروبا و أفريقيا و أمريكا إلى بلادهم ليعيشوا فيها كما كانوا مع الإشارة إلى أن وضعهم المادي جيد و لا ضير عليهم من الرجوع إلى أوطانهم و ترك ارض الفلسطينيين و اليهود القدامى في فلسطين لأصحابها .
4- اليهود الذين قدموا إلى فلسطين من سوريا و العراق و مصر و اليمن يعودون إلى بلدانهم الأصلية و لهم كامل حقوقهم و عليهم الواجبات تجاه الدولة مع الحفاظ على حرية الأديان و التعاون و التسامح .
5- تقوم في فلسطين دولة علمانية تعتمد دستور متفق عليه يكفل الحقوق المتساوية لكل المواطنين و توضح الواجبات تجاه الدولة مع احترام حرية العبادة و نشر روح التسامح بين الأديان و بشكل عام يجب فصل الدين عن السياسة .
6- العمل على إخلاء فلسطين و بلاد الشام و منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل و فتح الجامعات العلمية و نشر الوعي العلمي العقلاني و العمل على وحدة بلاد الشام في دولة واحدة لان التاريخ على مر العصور اثبت قوة هذه الدولة و أهمية موقعها و انتشار روح التسامح الديني و سيطرة روح المواطنة و الابتعاد عن الحروب و الأحلاف و تحقيق رفاه شعوب هذه المنطقة و مع الزمن و مهما كانت الظروف و العقبات و المؤامرات لن يصح إلا الصحيح لأنه مبني على الحق و العدل لجميع سكان الدولة و بغير هذا لا يكون هناك سلام .