ضرورة توحيد المقاومة
جريدة المجد - 21/11/2005
لقد تعرض الهلال الخصيب للسيطرة الأجنبية بعد الحرب العالمية الأولى ، و اندحار الدولة العثمانية و نفذت اتفاقية سايكس بيكو و قسمت بلاد الهلال الخصيب إلى عد من الدول الضعيفة و كل لها ارتباط معين مع الغير يمنعها من السعي نحو الوحدة ، و كما هو معروف فقد فشلت الدولة الفطرية في حمل أعبائها في الداخل ، كما فشلت في حمل هموم الأمة و ا هدافها نحو الحرية و الوحدة و العدالة .
و ها نحن نرى الحال التي عليها دول الهلال الخصيب ، من سيطرة الأجنبي و الضعف في الداخل بالإضافة للذل و الهوان فترى الاحتلال الأمريكي الإسرائيلي للعراق و الاحتلال الصهيوني في فلسطين ، و هناك التدخلات الأجنبية في لبنان و بث التفرقة بين السكان و إثارة الفتن ، و هناك السيطرة الأمريكية في الكويت ، و هناك التهديدات الإسرائيلية و الأمريكية لسوريا ، تحت ذرائع واهية و هناك المعاناة الاقتصادية في الأردن ، بسبب طبيعة الأرض و قلة المياه و قلة البترول ، و قلة القمح ، بالإضافة إلى تدخلات صندوق النقد الدولي و توقف المساعدات ، و يبدو بشكل عام سوء الأحوال في دول الهلال الخصيب و الذي يتكون من العراق ، الكويت ، سوريا ، لبنان ، الأردن ، فلسطين ، بمساحة مجموعها 750 ألف كيلو متر مربع ، و مع سكان عددهم ستون مليون , و لا يخفى على العارفين ما في الهلال الخصيب من خيرات وفيرة لا تتوفر في بلد آخر في العالم مثل الحبوب بأنواعها و الفواكه و الخضروات و النخيل و الزيتون و البترول ، و المياه الوفيرة التي تغطي جميع الجهات بأنهار غزيرة و متفرعة و المواقع الأثرية و الحضارية التي تشير إلى الحضارات التي تعاقبت على الهلال الخصيب على مدى آلاف السنين ، و ما ظهر فيها من أديان أرضية ثم جاءت الأديان السماوية و تمازجت الديانات و الحضارات بحيث يكاد يكون الهلال الخصيب متحف الحضارة العالمية أضف إلى ذلك الشواطئ الطويلة و الجبال الشاهقة و السهول الواسعة و توسطه بين القارات القديمة الثلاثة آسيا ، أوروبا ، أفريقيا .
كل ذلك جعل من إنسان الهلال الخصيب أنسانا مدنيا ، حضاريا ، مثقفا ، لديه قيم سامة ورثها من التراث ، أحيت ضميره و إنسانيته و أصبح عادلا متسامحا واعيا يواكب مستجدات العصر و تطور الأحداث و التقدم هذا هو الهلال الخصيب و هؤلاء هم سكانه .
بقي أن يخرج الغرباء و المحتلون و الغزاة من بلاد الهلال الخصيب من العراق ، من الكويت ، من لبنان ، من فلسطين ، و على رأسهم الأمريكان و الصهاينة ، و معروف أن هذه المهمة صعبة جدا و لا يخرج الغزاة إلا بالمقاومة الوطنية الصلبة و المؤمنة بكرامة أمتها و أوطانها ، و قد تكون المقاومة العراقية و المقاومة الفلسطينية و المقاومة اللبنانية و المقاومة الكويتية و سوف تظهر المقاومة السورية إذا جرى اعتداء على سوريا من قبل أمريكا و إسرائيل ، و على سوريا أن تستعد للأسوأ ، و المثل العربي يقول : ( إذا رأيت الخطر عند جارك ، فسوف يصل إلى دارك ) .
بقي أن نقول انه يجب العمل على توحيد المقاومة العراقية و الفلسطينية و اللبنانية و السورية و الكويتية و الأردنية ، التي تهدف إلى إزاحة السيطرة الأجنبية حتى يتحرر كل أجزاء الهلال الخصيب و قد يسعد الحال و ترتفع الأهداف إلى مستوى تحقيق وحدة الهلال الخصيب في دولة واحدة علمانية ، غنية و عادلة قوية ، يسود فيها العدل و الحرية الايجابية و تتعاون مع الدول المجاورة و دول العالم ، في جو الأخوة و التعاون و التسامح و الوطنية النظيفة ، البعيد عن التعصب و التطرف ، تحت شعار الدين لله و الوطن للجميع ، و منهاج ثابت يعتمد العقل و العلم و العمل و العدل .