التقاء العراق و سوريا ضرورة قومية في ظل الواقع العربي المرير
منذ أن سيطر الاتراك العثمانيون على البلاد العربية سنة 1516 بعد معركة مرج دابق ، و الشعب العربي يبتعد شيئا فشيئا عن ركب التطور و التقدم و ساد التخلف و الجهل و الضعف الشعب العربي مدة أربعة قرون في حين كانت شعوب اوروبا وا ميركا الشمالية و اليابان تسير بخطى حثيثة في ركاب العلم و التطور بتسارع متتابع ، و اصبح العالم المتقدم في واد و الشعب العربي تحت الحكم العثماني في واد آخر ، حتى تحرك احرار العرب مع نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ، في كل من الجزيرة العربية و الشام و العراق ، للمطالبة باستقلال العرب عن العثمانيين و تشكيل الدولة العربية في الجزيرة العربية و الشام و العراق و كانت احدى مراحل النضال في سبيل الاستقلال الثورة العربية سنة 1916 ، بقيادة شريف مكة الحسين بن علي يعاونه الاحرار العرب من الجزيرة العربية و الشام و العراق و كان الهدف الأسمى هو إزاحة السيطرة العثمانية و انشاء الدولة العربية الواحدة و تشمل الجزيرة العربية و الشام و العراق ، و عند قيام الثورة العربية لم يكن يدور في خلد قادتها أن تتمخض هذه الثورة عن ثلاث عشرة دولة كما هو معروف و كما هو ظاهر للعيان يتراوح عدد سكان هذه الدول الثلا عشرة ما بين عشرين مليون نسمة في بعضها و نصف مليون في بعضها الآخر ، و ترتب على ذلك أن جميع هذه الدول ضعيفة امام الطامعين و كثر التآمر عليهم بسبب ضعفهم و زرع الفرقة بينهم و نهب ثروات هذه الدول و اصبح ال عالم لا يعرف عن العرب الا الضعف و التبعية مما شجع جيران العرب و الطامعين من الخارج على الاعتداء على حدود هذه الدول و اقتطاع أجزاء منها و الامثلة على ذلك هي فلسطين ، و لواء الاسكندرون ، و الجزر العربية في الخليج ، أبو موسى ، و طنب الكبرى و طنب الصغرى بالإضافة الى التحديات المستمرة في الحرب و الحصار و التوسع من جهات عديدة مستفيدة من ضعف العرب و تفرقهم و ما حصار العراق و اضعافه الا مثلا على ذلك بما فيه الحصار العربي عليه منذ عشر سنوات كما يشاهد العالم اجمع تحرش تركيا بسوريا قلب العروبة النابض بالإضافة الى اذلال الفلسطينيين من إسرائيل في لعبة المفاوضات الملهاة و من ثم استمرار التجسس و زرع الفتن و التآمر المتجدد .
هذا هو واقع العرب المرير و الذي يتفق بشأنه المفكرون العرب و لكن كيف المخرج و كيف يمكن أن يكون التصور لاستقبال هذه الدول الثلاث عشرة للقرن الحادي و العشرين و في هذه الحالة لا بد من طرح الافكار التي تعالج هذا الموضوع من كل من يستطيع ذلك و لو كان من المواطنين العاديين من العرب خارج دائرة الضوء ، و اننا كمواطنين رغم عدم اطلاعنا على الشؤون السياسية و خفايا الأمور و دهاليز المؤتمرات و الاجتماعات و ما يجري وراء الكواليس إلا اننا نشعر أن من حقنا أن نبدي رأينا و نعبر عن شعورنا و أمانينا تجاه ما نرى من واقع العرب المرير ، صحيح اننا لسنا مسؤولين أو قياديين و لكننا و بكل تأكيد عرب و مواطنون و لنا الحق أن نبدي رأينا حسب فهمنا للأمور و اجتهادنا للحلول و هنا لا بد من البحث عن خطوة عملية واقعية موضوعية تعالج الوضع الحاضر و تنقذ ما يمكن انقاذه و من ثم تكون قاعدة صلبة لقيام دولة عربية قوية في المستقبل و من شأنها في الوقت الحاضر أن تبعث الأمل في نفوس العرب الغيورين علىحاضر و مستقبل العرب .
و هذه الخطوة هي ضرورة التقاء العراق و سوريا ، البدان العربيان المتجاوران اللذان يشتركان في الموقع و التاريخ و الجغرافيا و المصالح و يشتركان ايضا بنهر الفرات كما يشتركان ايضا بكونهما محل اطماع الجيران و البعيدين ، اضف الى ذلك انهما يكملان بعضهما البعض من حيث المصالح الاقتصادية و العسكرية و مسؤوليتهما تجاه الدفاع عن وجودهما أولا ثم الدفاع عن مصالحهما ثانيا ، و من ثم الدفاع عن القضية الفلسطينية ثالثا ، و أخيرا الدفاع عن المصالح العربية العليا .
و أخيراً أليس الحزب الذي يحكم في كل من العراق و سوريا هو حزب البعث العربي و الذي من أهم مبادئه هي الوحدة العربية و الحرية الايجابية والعدالة الاجتماعية و اننا كمواطنين نناشد القيادات في كل من العراق و سوريا الالتقاء و بعث الاعتزاز في نفوس المواطنين العرب ، اننا في حال تحقق ذلك سنكون فرحين و متفائلين و من ثم يزداد اعتزاززنا بأمتنا و ثقتنا بأنفسنا ، و يقينا اذا حدث ذلك فسيكون حال العرب أفضل و تسير الأمة العربية على طريق المجد و العز و يحترمها العالم ، و لأن العراق و سوريا مستهدفان من الجيران و الأعداء فلا سبيل لدفع الأطماع والعدوان ، إلا بلقائهما و تعاونهما لدفع الأخطار عن الهلال الخصيب .