السياسي - رغم انخفاض وتيرة العنف في العراق على مدى العامين الماضيين، إلا أن البلاد لاتزال مكانا خطرا، بالنسبة للعراقيين أو الأجانب، فالتفجيرات شبه اليومية التي تشهدها العراق، ومستهدفة قوات
الأمن والمواطنين العاديين على حد سواء، والتي يشنها مقاتلو القاعدة المتشددين، وهو ما يمنح الانتخابات العراقية الأخيرة، التي جرت في السابع من مارس الجاري، أهمية كبرى، تجعل للمنافسة بين المالكي وعلاوي أهمية قصوى، وتضع العراق على مشارف لحظة فارقة، خلال مساعيه للخروج من عقود من التراجع الاقتصادي والدكتاتورية، وحرب لم تنته حتى الآن.
ولم تكن عملية الاقتراع التي جرت الشهر الجاري، سوى بداية لمرحلة تبدو أكثر توترا بالنسبة للساسة العراقيين، قبل المواطنين، الذين تمتد جذور الخلافات الطائفية بين الساسة إليهم مباشرة، مما يجعل لديهم استنفار دائم تجاه أي توتر سياسي، بما يشير إلى خطورة الأوضاع التي قد تشهدها البلاد قريبا، والتي تزداد سخونة يوما بعد آخر، لاسيما بعد انتهاء اعمال الفرز لنحو 80 في المئة من الأصوات، لتصل النتيجة بين ائتلاف دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، وبين رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، زعيم قائمة "العراقية"، إلى التعادل، وتعجل بحدوث أزمة سياسية أوسع، ربما تكون أشد خطرا من الحرب الطائفية، التي اندلعت في أعقاب الغزو الامريكي للعراق، في عام 2003، لأن مجرد التشكيك في نتيجة الانتخابات، فور ظهورها، ربما يكون الخطوة الأولى في الطريق نحو الحرب الأهلية.
ربما تكون المفارقة المثيرة للحيرة، هى أن علاوي كان قد شكك في النتائج الأولية للانتخابات، مؤكدا حدوث تزوير، عندما كانت هذه النتائج في صالح خصمه اللدود، نوري المالكي، الذي التزم الصمت وقتها، قبل أن يعترف بوجود "تلاعب بسيط"، لكن مع انقلاب الموازين، وترجيح كفة علاوي، بتساويه مع المالكي، بدا وكأنهما قررا تبادل الأدوار، فالتزم علاوي الصمت، بينما شكك المالكي في النتيجة، ملمحا إلى حدوث أعمال تزوير واسعة النطاق.
لقد طرحت النتائج الأخيرة للانتخابات عددا من السيناريوهات المحتملة، من بينها استمرار عدم حسم النتيجة، لصالح أحد الأطراف، ففي ظل استمرار وجود فارق طفيف بين المالكي وعلاوي، من المرجح أن يستغرق بناء التحالفات عدة أشهر، وهو ما سيوقع العراق في مفاوضات سياسية، ربما تزيد زعزعة الأمن، إذا أدت المشاحنات بين الساسة إلى فراغ سياسي طويل، خاصة مع تزايد المناورات الدولية بين جيران العراق، حيث تأخذ إيران صف الشيعة، وتدعم دول الخليج السنة، ليضغطوا لتشكيل تحالفات مثالية بالنسبة لمصالحهم.