درس من العراق و لبنان إلى العرب
الدعوة إلى تدريب الجيوش العربية على حرب المقاومة الشعبية المسلحة
جريدة المجد - 19/1/2005
قد تبدو هذه الدعوة غريبة بعض الشيء إذ أنها تعني الدعوة إلى تدريب الجنود في الجيوش العربية النظامية على حرب المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الأجنبي ، و ذلك لأن إمكانية احتلال أي بلد من قبل الأجنبي تحت أي سبب و أي ظروف ممكنة و الأسباب كثيرة لعل منها تركيع العرب للاعتراف بدولة إسرائيل الحالية و إسرائيل الكبرى ، أو السيطرة على الخيرات المجودة في البلاد العربية من بترول و غيره أو لعل منها أهمية بلاد الشام و العراق و الجزيرة العربية في العالم لموقعها و خيراتها أو لأن الحكومات لا تعمل بالتعاون مع الشعوب مما يسهل احتلال هذه الدولة أو تلك ، كما أن الواقع اثبت أن الجيوش النظامية لا تستطيع الصمود أمام الجيوش الأجنبية بما تملك من طائرات و صواريخ و دبابات حديثة و تكنولوجيا ، فسرعان ما تنهار الجيوش النظامية لعدم التكافؤ بين القوات الأجنبية النظامية و الجيوش العربية النظامية و هذه العوامل تجعل إمكانية احتلال أي بلد عربي في المشرق العربي ممكنة بل و سهلة جدا ، و إذا استعرضنا ضعف هذه الدول وصغر بعضها و طبيعة الحياة المترفة فيها ، و مثال ذلك دول الخليج ففي مقياس الدول من حيث المساحة و الإمكانيات و السكان و التربية الوطنية و عدم تبلور رؤيا قومية فان هذه الدول لا تصمد أمام أطماع القوى الأجنبية لأن هذه الدول ليس لها عمق جغرافي و ليس لها مساحة و ليس لها رؤية قومية ، و كل ذلك يجعل إمكانية السيطرة عليها ليست صعبة و في مجال الأطماع الغربية فان كلا من سوريا و لبنان و الأردن و السعودية و اليمن و عمان و دول الخليج ليست في منأى عن أطماع أمريكا و بريطانيا و إسرائيل و بالمقارنة نجد أن أي من هذه الدول المذكورة ليس في قوة العراق العسكرية و الإمكانيات المادية و صلابة القيادة أو ممارساتها في الحروب و مع ذلك لم يصمد الجيش العراقي النامي أمام جيش الاحتلال الأجنبي بسبب تفوق الأجنبي العلمي و التكنولوجي ، و انهار الجيش العراقي الذي كان يعد سابع جيش في العالم فما بالك جيوش الدول العربية الأخرى في آسيا و مع ذلك نجد أن المقاومة العراقية الشعبية و توفر السلاح بين أيدي المواطنين حوّل العراق من دولة مغلوبة في الحرب النظامية إلى جبهة مقاومة مسلحة تفرض وجدها و قوتها ضد الاحتلال الأجنبي بكل إمكانياته العلمية و التكنولوجية ، وليس من باب المبالغة القول أن الحرب الشعبية التي تقودها المقاومة العراقية المسلحة و مع الزمن و الظروف المتاحة من حيث الأرض و الشعب و الإيمان بالحق ورد الاعتداء و الصبر مقابل ضعف المعنويات عند الجندي الأجنبي ، و عدم إيمانه بحربه ضد شعب بعيد عن بلاده آلاف الكيلو مترات ، و هو يقاتل على أرض لا يعرفها و معظم الشعب العراقي يعاون المقاومة ، و بالنتيجة و مع الصبر و بالاسترشاد بما حصل في فيتنام و أفغانستان و الجزائر و اليمن و لبنان ، فسوف تخرج القوى المعتدية و يعود للعراق استقلاله و وحدته و دوره في التاريخ بفعل المقاومة الشعبية المسلحة ، و يعاد بناء الدولة الحديثة القوية العادلة .
و ما ادعوا إليه أن توضع خطة في كل دولة عربية في المشرق العربي تهدف تدريب أفراد الجيش و الدفاع المدني و الأمن و التنظيمات السياسية على حرب المقاومة الشعبية باستعمال الأسلحة الخفيفة و سرعة الحركة و الانتقال بحيث يصبح الجميع مدربين على حرب التحرير الشعبية و الكر و الفر و يتم ذلك بعمل دورات مكثفة في الجبال و الهضاب و السهول ، و ذلك تحسبا لاحتلال هذه الدولة أو تلك من الأجنبي و إذا انهارت الجيوش العربية النظامية فلن يبقى بعد ذلك إلا الحرب الشعبية لتحرير البلاد و الحصول على الاستقلال و طرد الأجنبي و يجب أن لا يغيب عن بال الزعماء الرسميين و الشعبيين ما حصل في العراق و قبله في فيتنام و أفغانستان و لبنان و الجزائر و اليمن و نقطه أخيرة لا بد من الإشارة إليها و هي أن يتدرب القادة و الزعماء الرسميين و الشعبيين على لبس الفوتيك – لباس العمل و الحرب – و حياة التقشف و حمل السلاح و العيش في الجبال و الهضاب و الغابات و الأودية للاندماج مع الشعب لمقاومة المحتل الأجنبي لأن الدفاع عن استقلال الوطن و طرد المحتل هو واجب على القادة الرسميين و الشعبيين كما هو واجب على كل مواطن مخلص ، فعندما تتعرض بلاد للاحتلال و الظلم يصبح الجهاد فرض عين على كل مواطن ذكرا كان أو أنثى ، ملكا كان أو رئيس جمهورية ، أو قائد أو وزير أو مسئول أو جندي أو عامل أو مزارع .
و أخيرا .. أرجو أن اذكر بأن هذه الفكرة جديرة بالاهتمام و الاحتياط واجب ، و التاريخ مليء بالدروس لمن أراد أن يستفيد ، و قد سئل احد الحكماء ما هو العقل ؟ فأجاب : "العقل هو الإصابة بالظن و معرفة ما سيكون بما كان " .