لماذا يقف العرب الشرفاء مع العراق و ضد امريكا ؟
جريدة المجد – 14/12/1998
امريكا و خلفها الصهيونية هي التي انشأت دولة إسرائيل في فلسطين و طردت الشعب الفلسطيني من ارضه إلى شتى انحاء العالم .
امريكا تقف دائما إلى جانب إسرائيل في كافة المحافل و المجالات ، وتؤيدها في التمرد على القرارات الدولية .
امريكا تزود إسرائيل بكل انواع التكنولوجيا الحديثة و الاسلحة لتبقى إسرائيل اقوى من كل الدول العربية .
أمريكا ساعدت إسرائيل في امتلاك الاسلحة الذرية و النووية و كل اسلحة الدمار الشامل الحديثة لتبقى مسيطرة على كل العرب ، و تقمعهم كلما فكروا في استرداد فلسطين العربية و اعادة اهلها اليها .
امريكا ساعدت إسرائيل على ضرب مصر و سوريا و الأردن سنة 1967 ، و احتلال سيناء و الجولان و الضفة الغربية ، و لا تزال هذه الدول تعاني من نتائج تلك الضربة .
امريكا ساعدت إسرائيل و قدمت لها المعلومات لضرب المفاعل الذري العراقي سنة 1981 .
امريكا قامت بضرب ليبيا بالطائرات و استهدفت قتل القذافي ، لانها شعرت أن ليبيا تتمرد عليها و لا تسير بركابها .
امريكا وقفت مع استمرار الحرب العراقية الايرانية لمدة ثماني سنوات ، حتى استنزفت قوة الدولتين الجارتين ، لانها تشعر أن سياسة كل من هاتين الدولتين لا تنسجم مع السياسة الامريكية .
امريكا هي التي وقفت خلف الازمة الكويتية – العراقية ، سنة 1990 ، و هي التي تآمرت على العراق و زجته في احتلال الكويت ، و من ثم البت عليه دول العالم كله ، ثم قامت تحت مظلة الغطاء العالمي بضرب العراق و تدمير المنشآت فيه و البنية التحتية و المصانع لمدة 40 يوماً ، بما يشبه حربا عالمية ضد العراق لوحده ، و لم يوجد من يقف معه أو يدافع عنه حتى بالكلام ، خوفا و رهبة من سطوة امريكا و غضبها .
امريكا هي التي ضربت بالطائرات معامل الأدوية في السودان بحجة أن السودان يقدم المساعدة للثوار المسلمين الذين يقاومون السيطرة الامريكية على بلاد العرب و المسلمين .
امريكا هي التي تتآمر مع الصهيونية لضرب الحركات الاسلامية ، و تعمل على تشويه سمعة الإسلام في العالم ، و الصاق تهمة الارهاب و الرجعية بالدين الاسلامي .
امريكا تعتبر نفسها سيدة العالم كله بلا منازع ، و تعمل ما تراه مناسبا لتحقيق مصالحها و اطماعها و خدمة اعوانها ، و لذلك فهي تصول و تجول و تضرب و تحاصر و تهدد و تخوف كل من لا يخضع لنفوذها و يسير في ركابها ، و هي اول دولة تستعمل السلاح الذري في العالم .
امريكا توحي لمعظم حكام الدول في العالم بأن مصيرهم بيدها ، فما عليهم إلا الطاعة و التعاون معها و السير بركابها ، و إلا فقدوا كراسيهم .
امريكا هي التي تخضع الامم المتحدة و مجلس الامن لنفوذها ، و تستعمل الامم المتحدة و مجلس الأمن لتحقيق اهدافها عن طريق الضغط و تبادل المصالح ، و إذا طرح أي مشروع من قبل الامم المتحدة أو مجلس الامن لا يتفق و مصالح امريكا فانها تستعمل ضده حق الفيتو ( النقض ) .
امريكا هي التي تسعى جاهدة و تقنع غيرها من اعضاء مجلس الامن بتطبيق القرارات الصادرة عن مجلس الامن بحذافيرها بحق العراق ، و كل يوم تجدد طلبات جديدة لغايات استبعاد رفع الحصار عن العراق ، في حين لا نرى امريكا تضغط على إسرائيل لتطبيق قرارات مجلس الامن الصادرة منذ سنوات عديدة ، و هي قرارات كثيرة لا تزال قابعة في رفوف مجلس الامن يعلوها الغبار ، و إسرائيل لا تحفل بها و كل ذلك بدعم من امريكا.
امريكا هي التي تسيطر على صندوق النقد الدولي و الذي من خلاله تستطيع إذا ارادت تدمير اقتصاد أي دولة تعارض النفوذ الامريكي .
من خلال ما ورد لم نعلم أو نعرف أو نسمع أن هناك دولة في العالم وقفت بحزم في وجه امريكا و انحازت إلى جانب الحق العادل لاي شعب من الشعوب نظرا لان امريكا لا تسمح بذلك .
العراق وحده في العالم الذي رفض السير في ركاب امريكا علنا ، علما انه قد يوجد دولة اخرى ترفض أن تسير في ركاب امريكا و لكنها صامتة اتقاء للشر الامريكي و التآمر الامريكي .
العراق يعلن على رؤوس الاشهاد انه لن يسير في ركاب السياسة الامريكية ، و ذلك من خلال ما يلي :
• رغبته في امتلاك التكنولوجيا الحديثة من أي جهة .
• رغبته في السير على طريق العلم و التقدم و التطور .
• رغبته في استقلالية قراره الوطني و عدم التبعية .
• رغبته في التعاون مع أي دولة في العالم دون قيود .
• رغبته في العمل على رفع شأن العراق في المحافل الدولية كدولة ذات حضارة و قيم و تطلعات مشروعة .
• رغبته في رفع شعار الوحدة العربية و العمل على تطبيقه .
• رغبته في اثبات أن العرب امة واحدة ، و ثروة العرب لكل العرب تصرف على تحسين اوضاعهم و لا تصرف على الموبقات ، و ما يخالف قيم العرب و مباديء الإسلام.
• رغبته في أن يرى الاجنبي وقد رفع يده عن امة العرب و ترك العرب لمعالجة قضاياهم بأنفسهم دون تدخل .
• رغبته في أن يرى العرب و قد استعادوا دورهم في بناء الحضارة العالمية كأمة قوية غنية لا تعتدي على احد أو جهة أو دولة اخرى .
و هذه التطلعات إذا دققنا النظر فيها فسنجدها تطلعات مشروعة لامة عربية متفرقة مفككة يطمع فيها الطامعةن ، و يغزوها الغزاة ، و يتآمر عليها الاجنبي ، و ينتشر الفقر و البطالة و التخلف بين 60% من ابنائها .
إن مثل هذه الظروف و الامراض المختلفة التي تنخر في جسم الامة العربية لا تنتهي و لا تزول إلا بتحقيق الوحدة العربية و الحرية الايجابية و العدالة الاجتماعية في ظل دولة عربية قوية غنية بالثروات المادية و القيم العربية و مباديء الديانات السماوية و ما انتجه العقل البشري على مر العصور من فكر صالح و مفيد ، و هذا المطلب ضروري للأمة العربية اسوة بالامم الفرنسية و الالمانية و اليابانية ، لأن الامة عندما تكون موحدة و قوية تستطيع أن توفر الحياة الكريمة لشعوبها ، و تقوم بدورها في بناء الحضارة العالمية بعيدا عن الخوف و الشك .
أن العمل من اجل الوحدة العربية هو واجب و مسؤولية الاحرار العرب و هذا العمل هو فرض عين على كل عربي حر ، سواء كان حاكما أو مسؤولا أو مواطنا ، و لذلك نرى الامة العربية تتململ باستمرار نحو الوحدة فتخطيء و تصيب .
هذا الموضوع ، موضوع الوحدة العربية المطلوبه لا تفهمه امريكا و الدول الغربية كلها عند العرب ، و مشروعية تطلعاتهم في اقامة الوحدة ، و كما هو معروف بان هذا الهدف ليس سهل التحقيق فهناك صعوبات داخلية و قطرية و دولية ، و مع ذلك نرى العراق يرفع بالاضافة إلى سوريا شعار الوحدة العربية ، لانه مهد الحضارات حيث نشأت فيه الحضارات المتنوعة لشعوب الاكاديين و السومريين و الاشوريين و البابليين و المناذرة و العرب المسلمين ، فالعراق من اكثر بلدان العالم عراقة في الحضارة ، و عنه اخذت معظم شعوب العالم علوم الطب و الفلك و القانون ، كما ظهر به قادة عظام خلد ذكرهم التاريخ و منهم سنحاريب ، سرجون ، نبوخذ نصر ، حمورابي ، هارون الرشيد ، المأمون ، صلاح الدين الأيوبي ، و هؤلاء اعلام بارزة في التاريخ .
هذا الشعب العراقي الذي يعيش المعاناة منذ ثماني سنوات على مشهد و مرآى من العالم أجمع ، دون أن نجد من يقف إلى جانبه بدافع الاخوة أو الدين أو الإنسانية إلا اقل الدول ، ما زال صابرا على المعاناة التي وصفها شاعره عبد الرزاق عبد الواحد إذ قال :
بغداد اهلوك رغم الجرح صبرهمو صبر الكريم و أن جاعوا و أن نكلو
لكن اهلي العراقييـن مغلقـة افواههم بدمـاهم فـرط ما خذلو
دما يمجون أما استنطقوا و دما اذ يسكتون بجوف الروح ينهمـل
إن شعب العراق يعاني ، و هذه المعاناة تبعث فيه روح التحدي ، و يسعتمد على نفسه و يتجاوز المحنة ، رائدة في ذلك الآية الكريمة .. ﴿ فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ﴾ .
و لسوف تدفع المحنة و المعاناة الشعب العراقي إلى النهوض و التقدم بعد كل ما اصابه من تدمير و حصار و تآمر ، و ذلك مثلما نهض الشعب الالماني و الشعب الياباني بعد أن دمرتها الحرب العالمية الثانية ، و قتلت منهما حوالي عشرة ملايين نسمة ، فها هما اليوم من اغنى و اقوى شعوب العالم .