هيئة الميزان في الأردن
جريدة المجد - 24/8/2003
سبق و أن نشرت لي جريدة المجد الأردنية في عددها الصادر يوم الاثنين 23/6/2003 و على الصفحة 11 في باب منتدى المجد مقالا بعنوان ( طريق الإصلاح في الأردن ) ، تطرقت فيه إلى ضرورة الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني أردني عام على ضوء الظروف السائدة في الأردن و في منطقة الشرق الأوسط و خاصة في فلسطين و العراق و المد الاستعماري الجديد في البلاد العربية و تحسبا لما قد تخبئة الأيام في الغيب ، حيث المطلوب على الساحة الأردنية إتباع طريق الإصلاح الشامل في كل النواحي السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و القانونية و التربوية و رسم العلاقات مع الدول و الشعوب المجاورة ( انظر جريدة المجد المشار إليها أعلاه حول المؤتمر الوطني الأردني ) في هذا المقال أضيف اقتراح على درجة كبيرة من الأهمية على ضوء ما حدث في دول كثيرة من العالم و في المنطقة العربية التي تهاوت فيها أنظمة حكم و ربما هناك أنظمة حكم أخرى ستتهاوى على الطريق .
هذا الاقتراح هو أن ينتخب المؤتمر الوطني الأردني المشار إليه هيئة من خمسة عشر عضوا تسمى ( هيئة الميزان ) من أهل الرأي و الحكمة و الوعي الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي و التربوي و يتمتعون بصفات الوطنية و النزاهة و الموضوعية و الاطلاع الكامل على ظروف الأردن من كل النواحي و معرفة الظروف السائدة في الشرق الأوسط و الدول المحيطة بالأردن ، و يجب توفر شروط موضوعية بهؤلاء الأعضاء لما لدورهم من أهمية كبيرة في حفظ توازن الدولة بشكل عام منها الوعي ، الخبرة ، النزاهة ، الوطنية ، و أن لا يقل عمر العضو عن خمسين عاما ، و لا يزيد عن 75 عاما ، و أن لا يكون احدهم مسئولا أو وزيرا أو نائبا أو موظفا و هم على الأغلب من القطاع الخاص من أصحاب المهن الحر و لا يتقاضون من الحكومة أو من غيرها أية رواتب أو إكراميات و يكون الوضع المادي للعضو جيدا و لا سلطان عليهم لأحد ، و يحتكمون عند إعطاء رأيهم في كافة المواضيع لله و لضمائرهم ، هذا بعد أن يقسموا يمين الإخلاص للوطن و الشعب .
كما للهيئة الحصول على أية معلومات تتعلق بأحوال البلد من كافة النواحي من أي مصدر سواء كان عن طريق المؤسسات الرسمية و الأهلية و الجمعيات و الأحزاب و الناس و الصحف و المجلات و الفضائيات و أجهزة الإعلام المختلفة و بعد دراسة حصيلة ذلك من قبل هذه الهيئة تلخصه و تقدم تقييما لمسيرة البلد كل ستة شهور مرة ترسل نسخة منه للملك ، و نسخة للحكومة و نسخة للبرلمان و نسخة للمجلس القضائي ، و نسخة للمؤتمر الوطني الأردني ، و ضمن هذا التقييم الدعوة لتعديل المسيرة في أية جهة و لأي جهة ، و يكون رأي الهيئة موضع احترام من قبل الجهات المعنية .
و هذا هو التوجه من خلال المهام الملقاة على هيئة الميزان هو حفظ توازن الدولة و عدم انزلاقها في المتاهات من خلال الممارسات الخاطئة الناتجة عن التصرفات الفردية أو الشللية أو المصلحية أو العائلية أو شبهات الارتباطات الخارجية أو التفريط في مصالح الوطن و الشعب من خلال الفعل و رد الفعل و الاستعجال باتخاذ القرارات الضارة بالمصلحة العامة .
و عليه فان كل دولة لكي تكون صادقة مع نفسها و مع شعبها و يكون هدفها خدمة البلاد و العباد بالمشاركة الصادقة مع كل القوى الفاعلة في البلد بغض النظر عن تقسيم الناس إلى مؤيد للحكومة و معارض للحكومة لأن الجميع أبناء بلد و من حقهم أن يبدو رأيهم بصراحة و أن يحترم هذا الرأي ، و أن يصبح مع الزمن الحكم ليس لفئات و عائلات معينة و أمنا الحكم مشاركة من كل أهل الرأي و المعرفة من أبناء الشعب من خلال تشكل الأحزاب القوية الفاعلة المشاركة في الحكم و من خلال حرية الصحافة الكاملة و التي لا سلطان لجهة عليها إلا للقانون .
و أخيرا بقي نقطة لا بد من الإشارة إليها و هي انه ذهب الوقت الذي تستأثر فيه مجموعة من الناس سواء على أساس الشلل أو الكتل أو المصالح أو العائلات في مصير البلاد و استبعاد أكثر من 99% من الشعب عن المشاركة و إبداء الرأي ، ثم تفاجأ بالواقعة قد وقعت ، فإذا وقعت الواقعة و ما أدراك ما الواقعة .
و أخيرا ،، فقد سئل عمرو بن العاص ما هو العقل فأجاب :
العقل هو الإصابة بالظن و معرفة ما سيكون بما كان .