أما آن لأغنياء الأردن أن يتحركوا
جريدة المجد – 17/3/2008
قد تكون هناك اسباب عالمية و دولية و ظروف بترولية و اسباب داخلية في الأردن ادت الى ارتفاع اسعار الكثير من المواد الضرورية لمعيشة الناس و اعمالهم و مصادر رزقهم و من ضمنها تدني قيمة الدينار الشرائية و ارتباط الدينار بالدولار حيث هبطت قيمته بالنسبة لليورو عملة الاتحاد الأوروبي و كذلك بالنسبة للين عملة اليابان ، بالإضافة الىتحسين الوضع الاقتصادي للصين و من ثم الاتحاد الروسي .
رغم المحاولات الكثيرة لتحسين الوضع المعييشي الا أن هذه المحاولات هي حلول مؤقتة و سرعان ما يثبت عدم جدواها ، و عدم القدرة على مواكبة ارتفاع اسعار الطاقة و المواد المعيشية على مختلف انواعها ، و لا ننسى البذخ الذي يظهر في بعض تصرفات الحكومة في مجالات عديدة لا مبرر لسردها و لكنها بكل تأكيد لا تخرج عن كونها منافذ للتبذير .
و منافذ التبذير هذه تصرف على النخبة التي تحتل المواقع المتقدمة كل حسب جهده و علاقته و هذا يشكل عبئا كبيرا على الموازنة مع الإشارة الى أن هناك أكثر من 130 ألف طالب وظيفة في ديوان الخدمة المدنية و معظم هؤلاء مضى على تقديم طلبات توظيفهم حوالي ست سنوات ، و لم يصل طالب الوظيفة الى هذه المرحلة الا بعد أن كلف اهله مبالغ كبيرة من المال ، و هاهم يعيشون على اعصاب اهاليهم بانتظار الفرج الذي تجود به الحكومة و لم يصل بعد رغم مرور ما بين خمس أو عشر سنوات ، و أسماء هؤلاء محشورة في سجلات ديوان الخدمة المدنية و الذي تكاد مهمته تقتصير على تسجيل الاسماء و تقسيم الدور و أحيانا الاسجابة لطلبات الحكومة في إطار من له واسطة ثقيلة ، بحيث ينبش اسمه من الديوان و يعين بحجة حاجة الحكومة لمثل هذا التخصص ، أو الاسباب انسانية ، أو سحب اسمه من الديوان ليعين بعقد ، طبعا الاسماء المحشورة في سجل ديوان الخدمة المدنية لا تشمل ابناء الذوات من بعض العائلات الذين بمجرد تخرجهم من الجامعات تكون الوظيفة جاهزة مباشرة اما بالمراكز التي تعرف مداخلها الحكومة أو لدى البنوك أو لدى الشركات الكبرى أو المؤسسات و لم نسمع أو نقرأ أو نعلم أن شخصا واحد من ابناء الذوات من بعض العائلات تخرج من الجامعة و لم يوظف مباشرة .
هذا هو واقع الحال و الاعلام على مختلف انواعه يتكلم عن خدمة الشعب و الناس و تحقيق العدل و انتشار الامن و مساعدة المحتاجين و غير ذلك ، و اذا ما طالب احد و رفع صوته من باب المطالبة أو التظلم يجابه بان عليك أن توصل صوتك عن طريق النواب الذين يمثلونك في حين أن النواب بعد أن يصلوا المجلس ينسون الناس الذين في منطقتهم و يهتمون بمصالحهم و ينشغلون بالاجتماعات و اللقاءات و الولائم و الحفلات و الرحلات و الهبات ، بحيث يغرق النائب في هذه المغانم ، و لم يعد يهتم للناس حتى أن بعض النواب كما نقرأ في الصحف لا يحضر جلسات ملس النواب ، و بهذا يتخلون عن المهمة الاساسية التي تقدموا لادائها تجاه الشعب و البعض الآخر اذا حضر لا يتكلم و لا يعترض و يجلس في المجلس و فكره سارح في تحقيق طلباته الشخصية .
بقي نقطة اخيرة لا بد من ذكرها و هي كما ذكر سعد حتر مراسل اذاعة bbc في عمان حيث قال : تشير الاحصائيات و الدراسات في الأردن الى أن 4% من سكان الأردن ( طبعا كلهم في عمان ) ، يملكون 80% من الثروة السائلة ، علما بأنهم حصلوا على هذه الثروة على حساب الأردن هذا يعني أن باقي الناس 96% من الشعب يتنافسون و يعيشون بطرق مختلفة على 20% من الثروة ، و لو اجرينا الحساب على سكان الأردن على اعتبار عددهم خمسة ملايين .
500000 × 4% = 200.000 ، فتكون الحسبة أن 200 ألف نسمة يملكون 80% من الثروة النقدية ففي ظل هذه الحسبة ما ذا تكون النتيجة ، طبعا سيكون التذمر و الاحتجاج و السب و الشتم و الانفعال و الاضراب و قد يصل الأمر الى السرقة و النهب و البحث عن سبل المعيشة بكل الطرق .
و هنا يبرز السؤال ماهو دور الـ 4% في عقد مؤتمر لهم للبحث عن سبل دعم الحكومة لمعالجة حالات الفقر و الحاجة ، و المساعدة في تحسين مستوى معيشة الناس ، و ماهو دور صاحب القرار و الحكمات الأردنية في تفعيل هذا التجاه بشكل ايجابي و اذا لم يتم ذلك فيجب استيعاب قول الشاعر حيث يقول :
أرى خلل الرماد وميض نـار و يوشك أن يكون لها ضـرام
فإن لم يطفـها عقلاء قـوم يكـون وقـودها جثث وهام
و أخيرا اذا اقدم اغنياء الأردن على هذه الخطوة ، و قدموا جزءا من اموالهم الكثيرة لتحسين مستوى معيشة الناس ، فهم في هذه الحالة يدافعون عن انفسهم و عن وضعهم ، و يساعدون ابناء وطنهم ، و قد سئل احد الحكماء ما هو العقل فأجاب : "العقل هو الاصابة بالظن و معرفة ما سيكون بما كان" .
و أخيراً .. هل تجد هذه الدعوة صدى عند اصحاب القرار و عند الأغنياء . ؟ !