الأردن و الأحزاب
الوحدة – الأربعاء – 10/10/2001
على حد علمي فان عدد الأحزاب في الأردن يتجاوز العشرين حزبا ، و كما هو معروف محدودية نشاط هذه الأحزاب و تأثيراه في الرأي العام و ضعف إمكانياتها المادية و البشرية ، ومعروف كذلك أن ظاهرة العزوف عن الانتساب للأحزاب واضحة لأسباب عديدة لا مجال لحصرها و لكن اذكر منها أن الحكومات السابقة منذ الخمسينات و حتى الوقت الحاضر لعبت دورا فعالا في تشويه صورة الأحزاب عند الناس ، حيث زرعت في قناعة الناس أن هذه الأحزاب تهدف إلى زعزعة استقرار البلد كما أن هذه الأحزاب كافرة و لا تصلي و إنما استغل ذلك جماعة الإخوان المسلمين و الذين لعبوا كذلك دورا كبيرا في تكفير الأحزاب و كانت الحكومات تعرف ذلك و تغض الطرف عنه لأنه يخدم مصلحتاه في تشويه صورة الأحزاب ، كما أن الحكومات كانت توحي بان بعض الأحزاب تتلقى تمويلها و تعليماتها من خارج الأردن ، أضف إلى ذلك من أسباب ضعف الأحزاب و عزوف الشباب عن الانتساب إليها أن بعض قيادات الأحزاب سرعان ما تركوها عند حصولهم على منصب أو مركز في الحكومة الأمر الذي كررته الحكومات مرات عديدة حيث ساهمت في سلخ بعض قيادات الأحزاب عن أحزابها و جذبها لصف الحكومة مما اضعف الثقة بالقيادات و أدى إلى ضعف الأحزاب و تفرق أعضائها .
بالإضافة إلى نزوع بعض قيادات الأحزاب و أعضائها للعشائرية بين حين و آخر "بمجرد الشعور" ، بأن العشيرة قادرة على تحقيق طموحها و الذي لا تحققه الأحزاب الضعيفة .
و للحقيقة فاني أقول انه لا يوجد حزبيون مؤمنون بمبادئ حزبهم بعيدا عن العشائرية في الأردن إلا عدد قليل يعد على الأصابع و هم على الغالب من عشائر صغيرة و ليسوا من عشائر كبيرة ، ثم أن الإيمان بالحزبية أو الأحزاب و المبادئ ضعيف جدا في بلد فقير صغير يتلقى المساعدات من الخارج و لا يستطيع أي حزب يصل إلى الحكم على فرض احتمال ذلك أن يقدم أي تحسين في وضع البلد لأنه لا يوجد اقتصاد وطني قوي يستطيع من خلاله أي حزب في الأردن ، أن ينجح في تحسين الوضع الاقتصادي و السياسي ، و قد تكون هذه حقيقة اقتصادية بمعنى أن من يصل للحكم من الأحزاب .
ماذا يستطيع أن يعمل طالما أن الأردن فقير محتاج ، كفرد في العائلة يسعى لان يكون رب العائلة بدلا من والده الذي يعمل جهده المستطاع لتدبير شؤون العائلة و عندما يصل هذا الفرد لمركز رب العائلة الذي يستر على العائلة ، انه لا يستطيع أن يحسن وضع العائلة فيخيب أمله و يفشل .
و كما هو معروف في إطار تشكيل أي حزب فان ذلك يقتضي وجود قيادة فكرية قوية مؤمنة بمبادئ الحزب صادقة عادلة حسنة السيرة و السلوك وضوح الرؤيا التي تعمل من اجله في ذهن القيادة و من ثم استمرار العمل و التطور تبعا للظرف و التي بطبيعتها متجددة و متغيرة لان الجمود يعني التوقف و عدم النمو و الذي لا ينمو يموت .
إلى العاملين في مجال العمل الحزبي هناك أسباب للنجاح هي :
1- القيادة المؤمنة العادلة البعيدة عن الأنانية و النفاق و الشللية و حب الظهور و إتباع أسلوب المؤلفة قلوبهم من ضعاف النفوس ، و مع الإشارة إلى أن الرجل و العقيدة يكملان بعضهما البعض برباط الأخلاق القويمة ، و التاريخ مليء بالأمثلة .
2- وضوح العقيدة و المبدأ الذي تسير القيادة على هدية مع وضوح الرؤيا و التطور و الشمولية و بيان الأهداف و الوسيلة الصحيحة .
3- الرفاق أو الأعوان أو الأنصار الذين يؤمنون بالمبدأ و يثقون في القيادة و يحترمونها نم خلال إيمانها و صدقها و حسن سلوكها و أمانتها و قوتها في الحق و هؤلاء الرفاق يتزايدون باستمرار بسبب صدق القيادة و حسن سلوكها و من ثم يتناقضون مع ابتعاد القيادة عن السلوك الجيد و الأمانة و الصدق و احترام الآخرين .
و بالنسبة للعمل الحزبي في الأردن فهناك أسس و قواعد و ظروف تؤثر على تشكيل الحزب و نجاحه حيث أن الأردن بلد صغير لا يتجاوز سكانه خمسة ملايين نسمة و هي دولة فقيرة و ليست على المستوى الجيد من الناحية الزراعية أو التجارية أو الصناعية و تعتمد في كثير من المجالات على المساعدات الخارجية و هي تقع ما بين أربع دول قوية سوريا في الشمال ، السعودية في الجنوب ، العراق من الشرق و فلسطين المحتلة من الغرب ، و عليه على كل حزب يتشكل عليه أن يأخذ هذه الظروف بعين الاعتبار و حسب اعتقادي فإن أهداف أي حزب لا تتجاوز هذين الهدفين التاليين :
1- العمل على تحقيق العدالة في داخل الأردن على ضوء ما يتوفر من الاقتصاد و التعليم و القانون و الوظيفة و يراها من مناحي الحياة بمعنى أن يكون ما هو موجود في الأردن لكل الأردنيين ما أمكن ، و العدل شعار كاف و واف .
2- على المدى البعيد الدعوة جديا إلى وحدة الأردن مع سوريا و لبنان و فلسطين ، يعني وحدة بلاد الشام الكبرى في دولة قوية اقتصاديا و عسكريا ، و من ثم الدعوة إلى وحدة بلاد الشام الكبرى مع العراق ، يعني وحدة الهلال الخصيب بحدوده الجغرافية المعروفة بحيث تنشأ دولة قوية بسكان عددهم ستون مليون تحقق العدالة بين مواطنيها و ترد العدوان عن حدودها من أي جهة كانت .
و لا اعرف غير هذين الهدفين يمكن أن يطرح أي حزب أهدافا أخرى و قبل أن أصل إلى تشكيلة الأحزاب في الأردن أرجو أن ابدي رأيي الخاص في من ينتسبون للأحزاب.
و عليه أقول و اقترح لا يسمح لأي شخص في الأردن لا يحمل شهادة الدراسة الثانوية العامة – التوجيهي و ما فوق بالانتساب لأي حزب و مع الاحترام لأهلنا و إخواننا و أعمامنا و أبناء أعمامنا و معارفنا و لكل الذين لا يحملون شهادة التوجيهي فان لكل مجال له أصحابه و لا يجوز أن يتجاوز من لا يحملون المؤهل القيام بعمل لا يتقنونه تماما مثل الطبيب المهندس ، المحامي ، الصيدلي ، المعلم الجامعي ، الموظف ، السياسي الحزبي ، فالحزبي عضو في حزب يفرز نائبا للبرلمان يناقش قضايا الوطن و الأمة فيجب أن يكون مؤهلا لذلك فمصلحة الدولة هامة جدا ، و يعرفها المتعلم و لا يعرفها غير المتعلم ، و على كل حال هذا رأي مقتنع به ، و ادعوا له لأنه صحيح لبناء الحزب أعود إلى موضوع الأحزاب في الأردن و على ضوء ما ذكرت فأنني اقترح حل كل الأحزاب الأردنية الموجودة على الساحة و من ثم يسمح بتشكيل الأحزاب التالية أدناه ، مع ضرورة أن يقدم كل حزب يتم تشكيله برنامجه للعمل السياسي كاملا في كتيب و يوزع على كل الجهات و المناطق و الجامعات و المؤسسات و الجمعيات و الأحزاب الأخرى يوضح بالتفصيل برنامج و أسلوب عمله و أهدافه : و أن يعقد كل حزب مؤتمره السنوي بحضور كل قيادات الأحزاب الأخرى و الحكومة يوضح تقريره السنوي و ما يراه نم مآخذ على الحكومة القائمة و ما حققته من ايجابيات و ما يقترحه ، و المؤتمر علني ، و يساهم في لفت الأنظار للايجابيات و السلبيات و القصد هو صالح الوطن بعيدا عن صالح الأفراد على أن تكون الأحزاب الجديدة هي :
1- حزب العمل الإسلامي .
2- حزب البعث العربي .
3- الحزب القومي العربي .
4- الحزب الشيوعي .
5- حزب الشعب الأردني .
6- الحزب الوطني الأردني .
ثم هناك المستقلون و الذين لا يرغبون الانضمام لأي حزب ،و يرغبون بخدمة الوطن من خلال الحياة و تحقيق العدل دون تمييز .
أن كل من يرغب بممارسة العمل السياسي سيجد في هذه الأحزاب من خلال نظامها الداخلي و أهدافها ما يحقق هدفه و يشارك في العمل السياسي و يجب أن يسمح بتشكيل هذه الأحزاب بحرية و تشجع الحكومة من خلال أجهزة الإعلام الرسمية و الشعبية و الصحف الانتساب لها ، على أن يحكم عمل الأحزاب و علاقتها مع بعضها ، و مع الحكومة ، و مع أي جهة كانت ( القانون الأردني ) ، و كل من يخالف القانون يتحمل المسؤولية القانونية و يكون القضاء هو المرجع لكل المخالفات و يتحمل كل حزب و كل شخص منتسب لحزب المسؤولية القانونية حال مخالفته القانون و لا سلطة على أي حزب أو حزبي إلا للقانون و لا مسؤولية لوزارة الداخلية أو غيرها على هذه الأحزاب و الحزبيين و يكون الحزبي محل احترام .
بقي شيء أخير يجب قوله و هو أن يكون 3/2 عدد مجلس النواب الناجحين حزبيين منتسبين للأحزاب التي ذكرت لان الذين ينجحون يكونون سياسيين عارفين للعمل في البرلمان و مراقبة الحكومة و رسم سياسة الأردن هو عمل سياسي و لا يجوز أن يلعب الدور الفعال فيه غير السياسيين الواعين مع الإشارة إلى انه لا يجوز أن يترشح لمجلس النواب إلا من يحمل شهادة جامعية و مضى على تخرجه عشر سنوات و عمره لا يقل عن أربعين سنة .