مسارات الدولة العربية ... نجحت العشيرة و تبعثرت الأمة
عندما احتل العثمانيون البلاد العربية بعد معركة مرج دابق و تغلب العثمانيون على المماليك أصبح العرب تحت الحكم العثماني و أصبح العرب في سبات عميق مدة 400 عام و هذه المدة كافية بحد ذاتها أن ينام العرب فيها نومة أهل الكهف ، و لكن ليس 330 عاما به 40 عاما و عندما أيقظتهم النهضة الأوروبية و ظهور شعار القوميات و اشتبكت الأمم و الشعوب دفاعا عن مصالحها و كانت حصيلة المنافسة وقوع الحرب العالمية الأولى .
في الحرب الكونية الأولى تدخل الانجليز و الفرنسيون مع بعض الرموز العربية في سورية و الحجاز و ممن كانوا مقيمين في اسطنبول و نجد و العراق و مصر وظهرت بوادر النهضة العربية و نادى العرب المتنورون بالاستقلال عن الدولة العثمانية و ذلك يحتم عليهم التعاون مع الحلفاء و خاصة بريطانيا و فرنسا و انتهت الحرب العالمية الأولى و انتصر الحلفاء على ألمانيا و لفائها و لكن العرب لم ينتصروا و لم تتحقق أمالهم في قيام الدولة العربية و حصل أن تآمرت كل من بريطانيا و فرنسا و أميركا على العرب بسبب ضعف القادة العرب و عدم معرفتهم بالأعيب السياسة لأنهم استيقظوا من سبات قدره 400 عام و ليس لديهم أي خبرة لا سياسية و لا دبلوماسية و لا قانونية و لا عسكرية و أمنا يعالجون القضايا ببساطة البدوي الذي يعيش في الصحراء على الطريقة البدائية ، و بصراحة حتى طول القرن العشرين و العرب بكافة مواقعهم و قياداتهم و تصرفاتهم مع الغرب تدل على فشل سياسي و دبلوماسي و عسكري ، و عرف الغرب طبيعة العربي التي ما تزال تعيش بعقلية البدوي و عقلية القبيلة و عقلية العشيرة و عقلية الطائفة و الفرق الدينية و المذهبية بالإضافة إلى النزاعات الفردية التي لا تهتم لمصالح الأمة و أمنا تهتم بمصالح الفرد و العشيرة و المذهب و الطائفة ، و كما هو معروف فقد استعمل الغرب كل هذه الأسلحة للتعامل مع العرب بعد أن عرف نفسيات قادتهم و كان أن ظهرت دول كثيرة في الهلال الخصيب و الجزيرة العربية تعتمد القبيلة و العشيرة و الدين و المذهب و الفرق الدينية و على رأسها الفردية التي تستند إلى الأنانية في الحصول على المكسب الرخيص .
فلنكن صادقين مع أنفسنا مع تسجيل العتب على المفكرين في الوطن العربي الذين لم يقدموا دراسات و أبحاثا ترتفع فوق مستوى دولة القبيلة و العشيرة و الطائفة و المذهب و المجموعة و الأنانية و الفردية .
و من استعراض معظم الدول العربية من المحيط إلى الخليج و من الشمال إلى الجنوب و دراسة أنظمة الحكم فيا دراسة موضوعية مبنية على التقييم الموضوعي الحديث في بناء الدولة الحديثة فنجد و يجد الكثيرون أن الدولة تعتمد في نظامها السياسي على القبيلة ثم العشيرة ثم المجموعة ثم الطائفة الدينية أو ائتلاف الأشخاص و من ثم يصاغ الدستور لتثبت هذه المبادئ و التي تدور عجلة الدولة حول المركز الذي بيده القرار .
و كل ما يجري من انتخابات و مجالس نيابية و مجالس شورى و مجلس الدولة و السياسة الداخلية و السياسة الخارجية و المناهج و التعليم و الزراعة الصناعة و التجارة و كل المناحي الاقتصادية و الإدارة المحلية كلها تدور حول المركز أي حول خدمة مصالح القبيلة التي تحكم أو العشيرة التي تحكم أو العائلة التي تحكم أو المجموعة التي تحكم أو الائتلاف الذي يحكم أو الثقافة التي تحكم و كل من يعمل في إطار الدولة يجب أن يدور في فلك المركز و حتى الإعلام و الصحف و المحطات الإذاعية و التلفزيونية و حتى المواقف التي تتخذ بين الحين و الآخر تجاه الأحداث في العالم لا تخرج عن خدمة مصلحة المركز مهما حاول تغطية هذه المواقف بظهور خلاف ما يبطن المركز .
و الغريب العجيب أن سياسة الدولة تسير حسب رغبة المركز و قائد المركز ، و إذا حدث و أن غاب قائد المركز أو زعيم القبيلة أو زعيم العشيرة أو زعيم الطائفة أو زعيم الائتلاف و بالطبع يأتي بدلا منه من نفس القبيلة أو العشيرة أو العائلة أو المجموعة أو الائتلاف فانه يصبح صاحب القرار ونشاهد في كثير من الأحيان انه يقوم بتصفية أكثر معاوني من سبقه ثم يغيرهم لصالحه ثم يتبع سياسة يرسمها على كيفه و مزاجه و قناعته طبعا في إطار الحفاظ على المركز و القاعدة الثابتة .
فبالله عليكم هل مثل هذه الدولة و هذه الدول تعيش في القرن الحادي و العشرين المليء بالدول المتقدمة التي وصلت النجوم و الكواكب و أنتجت التكنولوجيا التي يستوردها العرب و لا يعرفون كيف صنعت و يستعملونها في حين أن بعض شعراء الأمة يتغزلون بالإبل فالمقارنة بين عقلية الدول العربية العشائرية و الطائفية و الدينية و بين الدول المتقدمة في العالم مثل اليابان و الصين و روسيا و بريطانيا و فرنسا و أميركا و كندا هي بالتمام كالمقارنة بين المركبات الفضائية التي غزت المجرات و النجوم و الكواكب و الأسلحة الحديثة و خاصة النووية و بين الجمال التي تعيش في الصحراء تأكل و تتوالد و تموت و الذين يهتمون بها هم قريبون منها و يتركز اهتمامهم عليها ، فهل يصلح العرب مادام هذا اهتمامهم بالعشيرة و العائلة و المذهب و الطائفة و غطاء الوجه و نوع اللباس ؟ هل حقيقة أن العرب هؤلاء يعيشون في العصر الحديث ؟
في ختام هذا المقال و خلاصته أن العرب بوصفهم السابق بشكل عام لا يتقنون لا الحرب و لا السلام و لا المفاوضات و لا بناء الدولة الحديثة التي تقوم على العلمانية و الوطنية و الكفاءة و مجاراة العصر و الابتعاد عن كل ما يشد الأمة إلى الوراء و على كل فإن واجب المفكرين و العلماء و المثقفين و الوطنيين الصادقين و القياديين المتنورين أن يقوموا بثورة ثقافية في سبيل بناء الأمة و بالأخص ثورة المناهج التعليمية التي تدرس في مدارس الدول العربية و يجب تبديلها و تغييرها بسرعة و بعد دراسة علمية دقيقة إلى مناهج موضوعية علمية متقدمة و تستفيد من مناهج التعليم في الدول المتقدمة مثل اليابان و الصين و روسيا و بريطانيا و ألمانيا و فرنسا و أميركا و إذا ما حصل هذا و استمر خلال عشر سنوات أو أكثر فإننا سنصل إلى مستوى الأمم و الشعوب المتقدمة و تبني الدول العربية الوطنية العلمانية التقدمية بعيدا عن الأوهام و الأساطير التي تقتات عليها الأمة و هي لا تسمن و لا تغني من جوع بل تشبه الذي يتغذى بالهواء .