طريق الإصلاح في الأردن
جريدة المجد – 23/6/2009
على ضوء الظروف السائدة في الأردن و في منطقة الشرق الأوسط و خاصة في فلسطين و العراق و المد الاستعماري الجديد على البلاد العربية و تحسبا مما قد تخبئة الأيام في عالم الغيب ، فان المطلوب على الساحة الأردنية إتباع طريق الإصلاح الشامل في كل النواحي السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و القانونية و التربوية ، ورسم العلاقات مع الدول المجاورة و مع الدول الكبرى ، و لن يتأتى ذلك إلا بالدعوة إلى عقد مؤتمر وطني أردني يشترك فيه أهل الرأي و القانون من كافة مناطق الأردن ، من الرمثا و حتى العقبة ، و يتم اختيار أعضاء المؤتمر الوطني الأردني من قبل لجنة وطنية مشهور لها بالموضوعية والنزاهة ، و يتشكل أعضاء المؤتمر على سبيل الاقتراح من رؤساء الحكومات السابقين ووزراء الداخلية السابقين و رؤساء النقابات المهنية السابقين و الحاليين ، و أمناء الأحزاب الفاعلة ، و رؤساء بلديات المدن الكبرى ، و النواب السابقين ، و رؤساء الجامعات الرسمية و الأهلية ، و عمداء كليات الحقوق و علم الاجتماع و كليات الاقتصاد ، و ما ترتئيه اللجنة النزيهة من إضافة أسماء أعلام و علماء و مفكرين مشهود لهم بالوعي و الخبرة و النزاهة على أن يكون لهم ربع أعضاء المؤتمر من القطاع النسائي ، و يكون العدد ما بين 300 – 400 عضو توجه لهم الدعوة من قبل اللجنة الوطنية النزيهة و يكون مكان انعقاد المؤتمر في الجامعة الأردنية و لمدة ستة أيام كاملة يتداولون و يتحاورون و يتناقشون و يقدمون الاقتراحات و الأوراق و الخطط وكل ما يهم الأردن ، و يخرجون بتوصيات محددة تشمل كل نواحي الحياة في الأردن ، و في النهاية ينتخبون مجلسا للتخطيط ينبثق من المؤتمر و يتكون من 21 عضوا يتابع تنفيذ قرارات و توصيات المؤتمر .
و من جملة ما يوصى به المؤتمر صيغة متطورة عادلة مناسبة لقانون الانتخاب الذي يفترض فيه أن يكون قانونا عصيا ، و على ضوء ذلك تشكل حكومة نزيهة عادلة للإشراف على إجراء الانتخابات بموجب قانون الانتخاب الجديد .
و ينبثق عنها مجلس نواب للأردن يمارس صلاحياته و يبقى مجلس التخطيط قائما و له أن يدعو المؤتمر الوطني المشار إليه كل سنة مرة لمناقشة عمل الحكومة و مجلس النواب ، لان المؤتمر الوطني هو الذي يمثل حقيقة كل شرائح الشعب ، و هو بالضرورة مكون من الطليعة الواعية التي تمثل كافة مناطق الأردن ، و قادر على تصور المصلحة العليا .
و من هذا المنطلق توضح الأسس كاملة لتطوير الحياة في الأردن من خلال تنظيم العمل السياسي بحيث يستفيد كل أفراد الشعب من خيرات بلدهم و يقوم أبناء الأردن الواعدون بدورهم في إدارة البلاد دون تفرد عائلات معينة و مجموعات معينة و أصحاب النفوذ بأموالهم و رجالهم .
و في هذا السياق لا بد من التطرق للانتخابات التي جرت في 17 حزيران الحالي حيث اتضح من دراسة التقسيمات الإدارية و توزيع المقاعد على الدوائر الانتخابية ، أن هناك خللا كبيرا في توزيع المقاعد بالإضافة للخلل الفاضح في قانون الانتخاب نفسه .
و لعل نظرة متفحصة لمجمل موضوع القانون و التقسيمات و نتائج الانتخابات تكشف أن الناتج هو مجلس مخاتير عشائر و ليس مجلس نواب شعب ، كما تثبت أن التقسيمات الإدارية و توزيع المقاعد قد فصلت تفصيلا بحيث ينجح نائب من العشيرة الفلانية ، و من لا يصدق ما عليه إلا أن يستعرض محافظة الكرك و إنا ابن المحافظة الذي يخشى أنه إذا استمرت كل العشائر بالمطالبة بنواب لها أسوة بالعشائر التي فصل لكل منها مقعد نيابي ، أن يأتي يوم يصبح فيه مجلس النواب يتشكل من خمسة آلاف نائب ، بحيث يكون لكل عشيرة علم و نائب يتكلم باسمها و يدافع عن مصالحها و لا يهمه أي أمر من أمور الوطن و الشعب ، و قد تطالب مستقبلا كل عشيرة بان يكون لها وزير ، و حتى يرضى الجميع تتشكل وزارة من خمسة آلاف زير و تتصاعد النزعة العشائرية و التعصب العشائري و بذلك يكون الأردن قد رجع إلى الوراء بدل أن يتقدم إلى الأمام .