الكرك : 4400 عام من التاريخ و الجمال
جريدة الغد – الجمعة
11/5/2007
يحد منطقة الكرك من الشمال وادي الموجب السحيق الذي ينتهي غربا بالبحر الميت ، فيما يحدها من الجنوب وادي الحسا السحيق الذي ينتهي غربا أيضا بالبحر الميت ، ويحدها من الغرب البحر الميت ، كما يحدها من الشرق الخط الصحراوي الذي يمتد من عمان حتى العقبة ، و يبلغ طول منطقة الكرك من الموجب شمالا حتى الحسا جنوبا ، حوالي 80 كلم ، كما يبلغ عرض المنطقة من البحر الميت غربا حتى القطرانة شرقا ، حوالي 80 كلم .
و هذه المنطقة بشكل عام ، هي منطقة جبال و هضاب مع سهول في الجهة الشرقية و تقع في وسط المنطقة مدينة الكرك التي يبلغ عدد سكانها حوالي 50 ألف نسمة ، تحيط بها حوالي 100 قرية ، يبلغ مجموع عدد سكانها قرابة 200 ألف نسمة ، و من الجدير بالذكر أن معظم سكان هذه القرى ، أن لم يكن جميعهم يذهبون إلى مدينة الكرك خلال أيام الأسبوع لقضاء حاجاتهم ، و الاطلاع على ما استجد من نشاط تجاري و صناعي و علاقات عامة من بيع و شراء بحيث تشكل مدينة الكرك مركز نشاط كل المنطقة .
تبعد مدينة الكرك عن عمان 120 كلم ، منها 40 كلم من مدينة الكرك إلى القطرانة ، و 80 كلم من القطرانة عبر الطريق الصحراوية إلى عمان ، و الطريق التي تربط الكرك بعمان طريق جيدة ، بأربعة مسارب ، و بحيث تستغرق المسافة من الكرك إلى عمان ساعة و نصف بالسرعة المعتدلة .
و يلاحظ أخيرا ظاهرة عودة أبناء منطقة الكرك الذين يعملون في عمان و العقبة إلى المنطقة ، حيث أقاربهم و قراهم ، و بعضهم له مزرعة خاصة ، فيها بيت ريفي يعود إليه كلما سنحت أمامه عطلة أسبوعية أو شهرية ، أو مناسبة فرح أو ترح ، و قد انتشرت هذه الظاهرة أخيرا بسبب مناخ منطقة الكرك الجيد صيفا و ربيعا و شتاء ، في حين أصبحت عمان مزدحمة بالسكان و الأشغال و الحركة السريعة المرهقة في كل المجالات ، إذ غدا عدد سكان عمان يزيدون عن مليوني نسمة .
و ابن الكرك بطبيعته يعرف منطقة الكرك ، و جمال جبالها و أوديتها و روابيها و سهولها ، و صفاء الجو فيها ، و هواءها النقي و مناخها الرائع ، لاسيما في فصل الربيع عندما تكتسي الجبال و الهضاب و السهول و الأودية بالخضرة و المناظر الجميلة ، مع الجو الهادئ و الراحة النفسية و الاطمئنان اللذين يشعر يهما سكان الكرك نتيجة الأمن و الاستقرار ، مع الإشارة إلى أن منطقة الكرك يعيش فيها أبناؤها الذين توارثوها عن آبائهم و أجدادهم منذ مئات السنين ، و لم يدخلها هذه المنطقة بكل جغرافيتها و حدودها ، أي غريب على الإطلاق .
ومن الجدير بالذكر ، أن معظم سكان منطقة الكرك يعرفون بعضهم بعضا بسبب توحد المنطقة ، و العلاقات التجارية و الزراعية و الدراسية و المصالح المشتركة ، و مهم هنا الإشارة إلى انه يوجد في منطقة الكرك المسلمون و المسيحيون منذ أكثر من ألف و ثلاثمائة عام ، و لا يوجد أي تفريق أو تمييز بين أبناء الكرك من الناحية الدينية و المذهبية ، لأنهم جميعا في الأساس عرب ، بعضهم اعتنق الديانة المسيحية حين ظهورها ، و بعض آخر اعتنق الديانة الإسلامية عند ظهورها ، كما أن بعض المسيحيين اسلموا بحرية و اقتناع و بالمحصلة فان الجميع متعاونون في مناحي الحياة كافة ، و يتعاملون فيما بينهم كأبناء عشيرة واحدة .
أما بالنسبة لطبيعة الكرك الجغرافية ، فتقع مدينة الكرك على تله مرتفعة ، تحيط بها ا ودية سحيقة من ثلاث جهات ، هي الشرق و الشمال و الغرب ، أما من الجهة الجنوبية فقد حفر خندق في الصخر بطول 200 متر تقريبا و عرض 100 متر ، و يفصل مدينة الكرك كاملة عن منطقة الثلاجة ، و يبلغ طول مدينة الكرك الأصلية 1000 متر مع 1000 متر عرضا .
و التلة التي تقع عليها المدينة فيها ميل من الجنوب إلى الشمال و يحيط بمدينة الكرك سبعة أبراج مشرفة على الأودية لحماية المدينة لا تزال موجودة .
أما قلعة الكرك ، فتقع على الجهة الجنوبية من المدينة ، و هي مفصولة تماما عن المدينة بخندق صخري ، كما أنها مفصولة عن حي الثلاجة الجنوبي بخندق صخري آخر ، و هي قلعة كبيرة و حصينة ، و تكاد تكون من اكبر قلاع الشرق الأوسط على الإطلاق ، و لا تزال فيها قاعات و صالات و إدراج ، و قد قامت دائرة الآثار بصيانة الكثير من هذه القاعات و الصالات العجيبة ، إذ مهما قيل في وصفها فإن ذلك لا يغني عن زيارتها و التمعن في مقدرة الإنسان على صنع هذه الأعمال الضخمة .
و تحتاج قلعة الكرك إلى أكثر من يومين حتى يستطيع الزائر التعرف على معالمها بدلالة الدليل السياحي ، و هي على مرتفع عال ، بحيث تشرف على الجهات الأربع ، المليئة بالقرى و المناطق الطبيعية الخلابة التي تبهر الناظرين و تترك في نفوسهم عظمة من قاموا بهذه الأعمال ، عبق التاريخ ، و جمال المنطقة الرائع .
و في منطقة الكرك مواقع تظهر عظمة المنطقة و تاريخها ، من قبيل آثار ذات رأس ، و موقع معركة مؤتة ، و قلعة الكرك ، و أبراج الكرك ، و السربوط في قرية ادر ، و آثار الربة ، و مقامات شهداء مؤتة في المزار ، و موقع الكنيسة في الجبال الواقعة ما بين مؤتة و العدنانية .
و هناك شجرة الميسة التي هي من أجمل مواقع الكرك على الإطلاق ، و قرى عي و كثربا و جوزا ، كما توجد مغارة الشهداء في قرية العراق ، التي سقط فيها أكثر من مائة شهيد خلال ثورة الكرك ضد الأتراك العام 1910 ، و حبذا لو أقيم على هذه المغارة نصب لهؤلاء الشهداء . و هناك منطقة سيل الكرك ، التي هي من أجمل المناطق المليئة بالأشجار و الأزهار والمياه بحيث تكون من أجمل المواقع في الأردن ، و لا يقنع الإنسان بهذا الوصف حتى يزور الموقع . و هناك أيضا منتزه عين سارة ، و منطقة اليوبيل التي تطل على البحر الميت . و من الحدائق هناك حديقة البلدية الجميلة في مدينة الكرك ، و حديقة حابس المجالي عند مدخل مدينة الكرك ، أضف إلى ذلك شاطئ البحر الميت في غور الحديثة و المزرعة ، و حبذا لو استملكت بلدية الكرك مساحة من ارض الشاطئ لتقيم عليها متنزها عاما لأبناء الكرك بحدود 20-50 دونما .
و ما يثلج الصدر ، ما علمت عن نية وزارة السياحة و الآثار انجاز المشروع الثالث لأعمال الكرك و إعادة تنظيمها ، و ترميم الآثار فيها ، بكلفة حوالي 7 ملايين دولار .
و أخيرا .. دعوة لأبناء الأردن و الكرك لزيارة المواقع التي ذكرت ، ليجدوا مواقع تسر الناظرين .