الكرك و عمان و الوحدة الأردنية
5/4/2007
عندما تقول أو تقرأ أو نسمع الأردن ، فإن ذلك يعني الأردن من شماله الىجنوبه ، و من شرقه الى غربه ، بكل مساحته و سكانه ، و المشاريع الموجوده و المنشآت و المؤسسات ، و مدنه مثل الرمثا ، المفرق ، عجلون ، اربد ، الشونه الشمالية ، الازرق ، الزرقاء ، البقعه ، جرش ، السلط ، الشونة الجنوبية ، مادبا ، القطرانه ، ذيبان ، الكرك ، القصر ، الربة ، المزار ، مؤتة ، وعي ، غور الصافي ، الطفيلة ، الشوبك ، معان ، و كذلك عمان العاصمة ، و كلمة الأردن تشمل كل ذلك من المكان و السكان و المشاريع و المؤسسات و غير ذلك .
و لكن على سبيل المثال لا الحصر و بمقارنة بسيطة بين الكرك و عمان و هذا المثال ينطبق على كل مدن الأطراف التي ذكرت فان الفارق الحضاري و العمراني و الاقتصادي و الاجتماعي بين عمان و الكرك هو فارق كبير و كبير و مع العلم فان المسافة بين عمان و الكرك هي 120 كلم ، لكن المسافة العمرانية و الاقتصادية كبيرة و كبيرة ، و كأن المدينتين ليستا في بلد واحد ، كما أن مدن الأطراف كذلك تشبه الكرك ، و لا تشبه عمان و ترى المسافة الحضارية و العمرانية و الاقتصادية تزداد كثيرا فنسبة التسارع الحضاري و العمراني و الاقتصادي تكون مثلا في عمان على اساس حسبة سرعة السيارات ، مثلا ، فإن التسارع في عمان يغدو 200 كلم في الساعة و التسارع في مدينة الكرك و مدن الأطراف الأخرى تغدو 20 كلم في الساعة ، و هذه النسبة تزداد مع الزمن ، اضعاف مضاعفة ، و لا تبقى ثابتة ، و عطفا على هذا الوضع تصل عمان إلى نسبة التسارع 300 كلم في الساعة في حين تكون نسبة التسارع في الكرك و مدن الأطراف اصبحت 30 كلم في الساعة ، و هكذا حتى تصبح المسافة الحضارية كبيرة جدا ، و تصبح صعبة على القياس و مما يزيد الطين بله ، أن بعض سكان الكرك و مدن الأطراف يهاجرون من بلدانهم الى عمان للبحث عن وسيلة للعيش و تربية الابناء ، و هذا يساعد على بطء حركة التقدم في مدن الأطراف ، و يزيد سرعة التقدم في العاصمة عمان ، التي كبرت و كبرت ، حتى تجاوز سكانها المليونين نسمة ، و كل الذين زاروا الأطراف و يعرفون عمان ، تتأكد لديهم مقولة أن الأردن هي عمان ، و عمان اصبحت شيئا في حين أن مدن الأطراف اصبحت شيئا آخر مختلف عن عمان و ينتشر بينهم الفقر و البطالة و ضيق الأفق ، و افتعال المعارك الجانبية على اتفه الاسباب و تتغدى العشائرية و يكون الصراع على الأمور التافهة التي لا تسمن و لا تغني من جوع ، و يمكن القول أن كل ثروة منطقة الكرك من الحسا حتى الموجب لا تبني فندقا واحدا من فنادق عمان الكبرى ، و الذين زاروا هذه الفنادق يدركون ذلك جيدا و قس على هذا في كافة المجالات .
الشيء الغريب العجيب أن اصحاب القرار و المسئولين الكبار على مختلف مواقعهم يعرفون ذلك و يعيشون في عمان و لا تتحرك مشاعرهم و جهودهم و اعمالهم و مشاريعهم لتحسين أحوال الناس في مدن الأطراف ، و هذا الحال مستمر علىما هو عليه منذ اكث من خمسين عاما و الفارق بازدياد .
و مما يحز بالنفس و يؤلم الضمير و الشعور بالغبن لدى سكان الأطراف ما ورد على لسان سعد حتر مراسل إذاعة لندن في عمان فقد قال سعد حتر مراسل BBC في عمان :
( تشير الدراسات و الاحصائيات في الأردن حول الوضع الاقتصادي أن 4% فقط من سكان الأردن يملكون 80% من ثروة الأردن ، و هذه معلومة خطيرة جدا و مخيفة جدا ، حيث أن النتيجة تقول أن 96% من سكان ااردن يتنافسون و يسعون فيما بينهم و كل حسب جهده للحصول على ما يمكن من الـ 20% من الثروة و هي الباقية (فضلة الـ 4%) ، و الأغرب من ذلك أن جميع هؤلاء الـ 4% هم من سكان عمان ، و مع ذلك نسمع باستمرار بشعارات التنمية السياسية و الاقتصادية و الخطط المتتابعة في الأردن ، و هنا يبرر السؤال الحرج ، ماهي التنمية السياسية و الاقتصادية التي تبنى على 20% من الثروة و التي يتسابق عليها و الكسب منها 96% من السكان ؟ في حين أن ال 4% من الأثرياء في مأمن من خسارة أي جزء من ثروتهم ؟
بقي السؤال المحرج الآخر ، ماذا قدم هؤلاء الـ 4% من مشاريع و خطط تنمية لأبناء مدن الأطراف و الأرياف ، و ماهو اثر ثروتهم الطائلة على مدن الأطراف و الأرياف ؟ و السؤال الثالث المحرج ماذا قدم هؤلاء الـ 4% و هم الأثرياء إلى ذوي الشهيد عناد النعيمات و أمثاله ممن ضحوا في سبيل الوطن سواء كانوا من منتسبي القوات المسلحة أو الأمن العام أو الدفاع المدني أو الموظفين البسطاء المنتشرين في مدن الأطراف و الأريفا ؟ و الذين لا تكاد رواتبهم تغطي جزء من تكاليف المعيشة ، هل يا ترى جرى لقاء جدي بين أصحاب القرار في الأردن مع ممثلي هؤلاء الـ 4% من الأثرياء لوضع خطط جدية للنهوض في مدن الأطراف و الأرياف من خلال خطط اقتصادية دائمة تعتمد الدراسات الدقيقة بحيث يشعر الجميع في الأردن أنهم ابناء وطن واحد و أن الوحدة الأردنية الشعبية متحققة من خلالا الاستفادة من خبرات الوطن و جهود ابناءه المخلصين ؟ و مع الاسف الشديد لم نرى أن شخصا واحدا من ابناء الـ 4% الاثرياء في الأردن استشهد في الدفاع عن الوطن ، سواء كان من الجيش أو الامن العام أو الدفاع المدني ، و انما هؤلاء يولدون و في افواههم ملاعق من ذهب ، و لم يقدموا أي تضحيات للوطن و لم يقدروا التضحيات التي تقدم من الفقراء و الفلاحين و العمال في سبيل الوطن و حماية المصالح التي يحققها البراهمة الاثرياء و يعيشوا في رغد من العيش ، و في الدول الأوروبية و لم يتوصلوا إلى معرفة الادوار التي تقوم بها كفئة من فئات الشعب .
المطلوب لقاء حاسم بين اصحاب القرار السياسي في الأردن مع ممثلي الـ 4% من الاثرياء الذين يملكون 80% من الثروة في الأردن لوضع الخطط السليمة الجدية للعمل على تحسين الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية في مدن الأطراف و الارياف خطة جدية صحيحة و مدروسة تطبق على مدى خمس سنوات بحيث تضيق الفوارق الاقتصادية بين عمان العظمى و مدن الأطراف و الارياف و في الدستور الاردني : ( الاردنيون متساوون امام القانون ، و يجب أن يكونوا شركاء في الثروة ) ، فالغرم بالغنم ، و عسى أن تجد هذه النصيحة آذاناً صاغية لدى اصحاب القرار السياسي و بعكس ذلك سوء تسوء الأمور و يزداد عدد الخارجين على القانون و تنتشر اعمال السلب و النهب و السرقة .
و غير ذلك مع مراعاة أن الأردن يعيش في وسط منطقة ملية بالمشاكل السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و بدا يتوافد عليه الهاربون و اللاجئون و الخائفون و الطامعون و السياسيون و الحاقدون من كل حدب و صوب ، و سوف يؤثر ذلك على الأردن عاجلا أو آجلا إذا لم يتدارك اصحاب القرار السياسي هذه الأمور ، و قديما قال الشاعر :
أرى خلل الرماد وميض نار و يوشك أن يكون لها ضرام
فان لم يـطفئها عقلاء قوم يكـون وقودها جثث وهام