شتاء العراق المقبل سيمحو آثار العدوان
ورد في القرآن الكريم الآية التالية : ﴿ و لنبلونكم بشيء من الخوفو الجوع و نقص من الاموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين ﴾ . البقرة 55 .
لأن ثورة 17-30 تموز 1968 التي قادها احرار العراق جاءت لتضع العراق على طريق التنمية الشاملة و التقدم العلمي و العمل من اجل وحدة العرب التقدمية و تحرير الأرض العربية المحتلة و من ثم رفع شأن أمة العرب بين امم الأرض و لأنها سارت على هذا الطريق بجدية و حزم و قد ساعد على ذلك إمكانيات العراق الاقتصادية و الحضارية الهائلة فقد هرت علائم التقدم في جميع النواحي في العراق في الفترة ما بين 1968 حتى 1980 .
و بدأ العراق بالظهور كدولة عربية قوية بامكانيات مادية و معنوية علمية لمسها كل من زار العراق قبل سنة 1980 فقد بدأ التآمر عليه من جهات مختلفة ، لا يسعدها أن ترى العراق قويا مستقلا يسير على طريق التقدم العلمي الحديث ، فكان أن حصلت الحرب الايرانية العراقية و التي استمرت ثماني سنوات استغرقت كثيرا من قدرات العراق المادية و العسكرية و كان ما حصل في معركة تحرير الفاو و التي قدم فيها العراق ما يزيد عن 50 ألف شهيد ناهيك عن الاعداد التي خسرتها ايران .
و كان هذا النصر مخيفا بالنسبة لإسرائيل و حلفائها من الاميركيين و البريطانيين فبدأو يدبرون مؤامرة جديدة للعراق و كانت هناك أزمة الكويت و الحرب التي استمرت من سنة 1990 و لا تزال و سببها هو التآمر على العراق لأنهاك قواه ، و شارك في هذا التآمر اطراف عديدة لها مصلحة في اضعاف العراق و زجه في معاك جانبية تستنفد طاقاته العسكرية و المادية لأنهم تصوروا أن العراق يشكل خطرا عليهم ، و الدليل على ذلك انه رغ خروج الجيش العراقي من الكويت فلا يزال العدوان مستمرا على العراق و الحصار و المقاطعة و لا يزال القصف اليومي من الطيران الاميركي و البريطاني و اذي دمر البيوت وا لجسور و المساجد و الطرق و المنشآت المدنية و أهلك مئات الآلاف من الأطفال و الشيوخ و المدنيين على مدى سنوات العدوان .
أضف إلى ذلك البيئة في العراق بواسطة القاذائف و الديناميت و القنابل و الشظايا والغازات و أكوام الحديد المحروق و الجثث المحروقة من القصف و كان أن تلوثت الأرض و المزارع و الطرقات و الشوارع و الجبال والانهار و الترع و الاهوار و السهول و البوادي بحيث اصبح الهواء ملوثاً من الغازات السامة و الروائح المنبعثة عن تدمير البناء و الاسنان ، و هذا يحدث و لا يزال منذ عشر سنوات أمام سمع العالم و بصره بما فيه العرب وا لمسلمون و الأمم المتحدة .
و قد عانى العراق و لا زال يعاني من العدوان و الحصار الظالم طيلة العشر سنوات الماضية و اصبح العراق سابع دولة في العالم في المعاناة من الحرب بعد المانيا و فرنسا و اليابان و برطيانيا و روسيا و أميركا و لكنه صبر و صبر مستمدا موقفه الحازم من قوله تعالى و هو أصدق القائلين : ﴿و العصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر ﴾ . سورة العصر .
كما قال تعالى : ﴿ فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ﴾ .
و من كثرة ما عانى الشعب العراقي و صبر منذ اقدم الأزمنة حتى اليوم اصبحت الصفة المعروفة عن الانسان العراقي في العالم اجمع وهي صفة "الحق و الصبر" ، كما ورد في القرآن الكريم : ﴿ و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر ﴾ . فهنيئا للعراقيين هذه الصفة الفاضلة .
هذا و يتطلع العراقيون و الشرفاء في العام الى الدور الذي سيقوم به الشتاء القادم في العراق و الذي يأمل العراقيون و معهم الشرفاء في العالم أن يكون شتاء خيرا غزيرا يروي الأرض بعد أن يغسلها و يرفد الانهار و ينمو الشجر و العشب و الزرع و تجري الجداول و الينابيع و سطوح المنازل و الشوارع والأزقة و الاقنية و الترع و رؤوس الجبال و السهول و البوادي و يصبح ماء العراق نقيا و هواءه منعشا و جوه رطباً ، و النسمات عليلة و ذلك بعد أن ينظف شتاء العراق كل آثار العدوان من روائح و ديناميت و بقايا الغازات و آثار الصواريخ و الشتاء كما هو معروف ينعش النفس البشرية لأن ما يأتي بعد الشتاء هو خير و ينهض العراقيون بجهود مضاعفة و تضحيات إلى اعادة اعمار بلادهم بأسرع وقت ممكن ، و من ثم و بعد الشتاء يأتي الربيع حيث ينبت العشب الأخضر و الأزهار و الاعشاب في المروج و يصبح وجه الطبيعة مزهرا مشرقاً منعشاً مفعماً بالأمل و المستقبل حيث يخرج الأطفال يلعبون و يمرحون و يرقصون و يغنون و كذلك الشباب و الشابات تحت انظار الأهل المسروروين بسرور ابنائهم و بزوال العدوان و نسيان مآسي الماضي ، و الكل يردد عراق العز ، عراق المجد ، عراق الصبر ، عراق الخير ، عراق الله أكبر ، عراق العراقيين جميعهم مهما اختلفت الآراء عراق الولاء للعراق ، هذا الولاء الذي يعلو و لا يعلى عليه .
و أخيراً ، و من خلال السعادة التي ستعم العراقيين في فصل الربيع المقبل بعد الشتاء المقبل و هم يشاهدون وطنهم خرج سالما معافى و عاد إليه استقلاله و قوته و جماله و ثرواته و صفته التي انتشرت في كل أنحاء العالم بانه صاحب الحق و الصبر ، و نرى في هذا الجو المفعم بالسعادة ، الجميع من العراقيين يرددون قول شاعرهم الكبير – عبد الرزاق عبد الواحد :
يا سيد يا عراق الأرض يا وطنـا تبقى بمـرآة عيـن الله تكتـحل
لم تشرق الشمس الا من مشارقه و لم تغب عنه الا و هي تبتهـل
يا أجمل الأرض يا من في شواطئه تغفو و تستيقظ الآبـار و الأزل
يا حافظا لمسـار الأرض دورته و آمرا كفـة الميزان تعتــدل
مذكورت شعشعت فيها مسلته و دار دولابـه و الأحرف الرسل
حملنا ليكون مسـرى ابجديـته و عنـه كل الذين استكبروا نقلوا
و بعون الله سيكون حلول الألف الثالث الميلادي عهد خير و بركة و استقرار في العراق .