تساؤلات حول الواقع العربي على ابواب الألف الثالث الميلادي
قال تعإلى في محكم كتابه العزيز ، لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، لا اريد الدخول في تفاصيل الواقع العربي فهو مليء بالمشاكل و الصعوبات و المعوقات مثل الخوف و الشدة و الفقر و الحاجة ، و الانانية ، و العائلية ، و العشائرية و المذهبية ، و الحزبية ، و الاقليمية ، و الطائفية ، و غير ذلك كثير ، هذا بالاضافة لتجزئة الوطن العربي إلى كيانات عديدة بعضها لا يزيد عدد سكانه عن سكان مدينة متوسطة من مدن العالم .
لكن المطلوب على ضوء الواقع المعروف و على ضوء منململ قوى الطليعة في الامة العربية و سعيها لوحدة الامة و تحقيق حلم الحرية و العدالة هو أن تتبنى احدى المؤسسات المختصة باجراء الدراسات للمجتمعات العربية و تحليل الاسباب التي اوصلت العربى إلى هذا الحال و ذلك بأن تطرح ما يشبه المسابقة لتقديم التحليلات و الافكار و الآراء و الاقتراحات التي من شأنها أن تعالج هذا الواقع نحو الافضل ، و لا شك أن الحاجة ماسة لمثل هذه الدراسات و أن هناك مفكرين و سياسيين و كتابا و مصلحين اجتماعيين و اقتصاديين عربا لديهم القدرة أن يتقدموا بأفكار جيدة قابلة للتطبيق لدفع المجتمع العربي نحو السير في ركاب العقل و العقلم و العمل و العدل بعيدا عن الخرافات و الاساطير و الغيبيات و ارهاب المستقبل و للحقيقة ، فكل امة لا تستطيع أن تتقدم و تتطور نحو الافضل إذا لم يرسم المفكرون و العلماء و السياسيون طرقا صحيحة تعتمد في معالجتها للواقع على العناصر الواقعية الصحيحة الصالحة للبناء و التقدم و القوة ، و هذه العناصر بصراحة هي : (العقل ، العلم ، العمل ، العدل ) ، بعيدا عن الخرافات و الاساطير و الغيبيات و ارهاب المستقبل .
و للحقيقة ، فكل امة لا تستطيع أن تتقدم و تتطور نحو الأفضل إذا لم يرسم المفكرون و العلماء و السياسيون طرقا صحيحة تعتمد في معالجتها للواقع على العناصر الواقعية الصحيحة الصالحة للبناء و التقدم و القوة ، و هذه العناصر بصراحة هي : "العقل ، العلم ، العمل ، العدل " .
على ضوء ما ذكرت فإنني كمواطن عربي عادي لست مسؤولا و لست داخل دائرة الضوء و لكني بكل تأكيد اشعر اني مهتم و لدي شعور يدفعني أن اكتب و أن اقول في اطاء ابداء و الرأي و حرية الكتابة و ها أنا من باب تلمس الطريق كما غيري أطرح التساؤلات التالية :
1- هل وقوع المنطقة العربية في وسط العالم و تعرضها للغزوات من الشرق و من الغرب و كثرة الحروب التي وقعت فيها و المآسي و تعاقب حالات الضعف و القوة و السكينة و النهوض أثر في نفسية المواطن في هذه المنطقة و جعله خائفا شكاكا قلقا متآمرا احيانا ، لا يستطيع معرفة طريقه في الوقت الحاضر ، و لا المستقبل مما افقده توازنه و قدرته على التركيز . ؟
2- هل السيطرة العثمانية على المنطقة العربية التي استمرت اربعة قرون ، كان العرب خلالها في سبات عميق في حين كان العالم من حولهم يتقدم في مجالات العلم و عندما افاقوا بعد هذه المدة وجدوا البؤن الشاسع بينهم و بين الغرب فصاروا يتخبطون على غير هدى ، ما بين القديم الذي تركوه و الجديد الذي لا يعرفونه ؟ هل لهذا أثر على فقدان توازنهم و عدم وضوح الرؤية أمامهم نحو المستقبل و بواسطة الطريق السليم ؟
3- هل ظهور الديانات السماوية في هذه المنطقة ، و ما نتج عن ذلك من نشر الافكار و المعناة و الفتوحات و التصادم مع القوى المحلية و الخارجية و ما لحق ذلك من حروب دموية و تأثير المعتقدات اثر في نفسية مواطن هذه المنطقة و حمله مسؤولية فوق طاقته ، دفع ثمنها على مر العصور و لم يهنأ خلالها بأي فترة استقرار تعيد له توازنه و تعطيه فترة هدوء للتفكير السليم ؟
4- هل وقوع المنطقة العربية في نقطة التقاء القارات القديمة الثلاث و اختلاط الشعوب و الامم فيها عن طريق التعامل التجاري أو الحروب و الاتصال بطرق مختلفة ، مما نتج عنه تزاوج السلوك المحلي و السلوك الخارجي فاصبح السلوك الناتج مشوبا بالمزاجية ، و قلة التروي بحيث فقد خلفتيه الاصلية و لم يعد لديه مرجعية فكرية يستند اليها في رسم خط سير حياته ، فاصبح هناك جيل هجين مهزوز فاقد للتوازن و التفكير السليم ، و إلا لماذا هذا الذل الذي ينتشر في هذه المنطقة انتشارا كبيرا و لا يوجد مثله في أي منطقة من العالم ؟
5- هل ظهور الانبياء في هذه المنطقة بهذه الكثرة من دون مناطق العالم مثل ابراهيم و اسحق و يعقوب و يوسف و سليمان و داود و يونس و شعيب و هود و لوط و موسى و عيسى و محمد عليهم السلام و غيرهم في هذه المنطقة و هي ح2صرا الشام و العراق و الجزيرة العربية ، و ما جادوا به من معتقدات و افكار كان له اثر في تفكير اهل هذه المنطقة ، بحيث ولد لديهم قناعة بانهم شعب مميز ؟!! مما جعل بقية شعوب العالم و دولهم يهاجموهم بين حين و آخر ، و يحتلون منطقتهم و يشعرونهم انهم الشعوب المحتقرة الضعيفة المتفرقة و ذلك كردة فعل على تخصيص هذه المنطقة بالرسالات السماوية ، و ها نحن نرى الواقع الذي تعيشه شعوب هذه المنطقة من ذل و ضعف و تبعية و فقر و لا يوجد ما يبشر بمستقب ل افضل و لا تزال محل اطماع الآخرين و تسلطهم .
6- هل ظهور البترول في المنطقة العربية كان سببا في جعل هذه المنطقة موضع اطماع الدولة القوية ، فأصبع نقمة بدلا من أي يكون نعمة ، ام أن سكان المنطقة العربية صدقوا أنفسهم بسبب ما يدره عليهم البترول من اموال ، انهم اصبحوا فعلا مؤثرين في العالم في حين أن الحقيقة تقول غير ذلك فلم تستفد شعوب المنطقة من البترول سوى وقوعها تحت سيطرة الاجنبي ؟! و من ثم صرف ما يعود من اموال في جزء كبير منه على الموبقات و ما يتنافض مع القيم العربية و مباديء الاسلام ، أما السكان فسيبقون كما هم ، اللهم إلا اقامة بعض البنايات الشاهقة و شراء السيارات الفارهة و غير ذلك من صرف الاموال بدون طائل ، دون النظر للمستقبل .
7- هل الذين دعوا لفكرة الوحدة العربية طرحوها بشكل نظري لا يتناسب مع الواقع الاقليمي و السكاني و الجغرفاي و الحضاري في حين لم نر طرحا متجددا لفكرة الوحدة العربية أو الاتحاد العربي يكون واقعيا و يعتمد التدرج و الحوار و الاقناع و التربية ، و جعل جميع ابناء الامة يؤمنون و يعملون لأجل الوححدة العربية أو الاتحاد العربي و يشعر كل مواطن أن الوحدة سوف تجعله يعيش حياة فضلى في ظل دولة عربية قوية عادلة تسير في خطاها حسب القيم العربية العليا و مباديء الاسلام السمحة .
8- هل ظهور الفكر الشيوعي الذي ظهر لينسف كل معتقدات اصحاب الديانات لعب دورا فعالا في هز ضمير الأمم و معتقداتها ؟ حيث ركز الفكر الشيوعي على اهمية الحياة المادية باعتبارها العامل الرئيسي في حياة الإنسان ، و لا اهمية لغير ذلك مما احدث اختلالا في الفكر الديني نتج عنه عدم توازن في نظرة الإنسان للحياةو ما بعد الموت ، و سيطر عليه القلق .
9- إذا كان هذا هو الوضع السائد بين الناس بما فيه من عقد و انانية و شك و حب التملك و السيطرة فانه من الطبيعي أن تكون حال الحكومات من حال الناس فعندما تصل الحكومة تمارس الحكم بنفس عقلية المواطن من الامة التي وردت اوصافها و لن تكون بعيدة عنها لان الحكومة من الامة و ليست مستوردة ، و يصبح هم كل حكومة هو الحفاظ على موقعها و يلتف حولها المؤلفة قلوبهم و الذين يتمتعون بفضل قربهم من الحكومات بالعيش الرغيد و ما هي إلا فترة و تذهب هذه الحكومة و تجيء غيرها و هكذا و الناس هم هم و لا اعتقد انهم افضل من الناحية النفسية من حكوماتهم فلو وصلوا لمواقع القيادة لمارسوا العمل بنفس الشكل لأن المرض موجود في الناس .
و اخيرا اقول اين المفكرون ؟ اين الفلاسفة ؟ اين اصحاب الرأي ؟ اين العلماء الصادقون ؟ اين القياديون الذين لديهم القدرة على تغيير افكار الامة و تنظيم مؤسسات الدولة بالتعاون مع اهل الرأي المستنيرين و ليس الباحثين على اطماعهم الشخصية.
و ختأما أن كل ما هو موجود في المنطقة العربية اقول كل ما هو موجود بحاجة إلى اعادة تقييم و بحاجة إلى اعادة نظر و بحاجة إلى جهود اهل الرأي من الامة .. اهل الرأي الصادقين القادرين المخلصين المؤمنين بخدمة الامة ، و هؤلاء لن يكونوا من فئة الخائفين.