وحدة بلاد الشام هي الحل
جريدة المجد – 30/8/1999
حين نعود إلى التاريخ القديم جدا و تايرخ الرومان و العرب نجد أن بلاد الشام تشكل وحدة واحدة ، و قد قسمت هذه البلاد بعد الحرب العالمية الاولى الى ( سوريا و لبنان و الأردن و فلسطين ) ، و هذه الاقطار الحالية بمجموعها تشكل بلاد الشام على مر العصور و الازمان ، و كما هو معروف يحدها من الغرب البحر الابيض المتوسط و من الشرق العراق و من الشمال جبال طوروس التي تفصلها عن آسيا الصغرى ، و التي اصبحت تعرف بـ تركيا ، و يحدها من الجنوب مصر و الجزيرة العربية ، و تبلغ مساحة بلاد الشام 300 ألف كيلو متر مربع ، كما يبلغ سكانها في الوقت الحاضر ثلاثين مليون نسمة ، و من دراسة هذه البلاد يتضح أن ساحلها على البحر الابيض المتوسط يطل على اوروبا و أفريقيا و شمالها يطل على تركيا والبلقان و روسيا و شرقها يتصل اتصالا جغرافيا و سكانيا و مائيا و حضارة و ثقافة و لغة مع العراق ، كما أن جنوبها يتصل بمصر و الجزيرة العربية على مدى الازمان و لم ينقطع هذا الاتصال في يوم من الايام منذ آلاف السنين .
و من أشهر مدن بلاد الشام هذه دمشق و بيروت و القدس و عمان و حلب و اللاذقيه و حمص و حماة و طرطوس و دير الزور و درعا و السويداء و حيفا و يافا و نابلس و الخليل و بيت لحم و غزة و طرابلس و صيدا و صور و بعلبك و اربد و السلط و الكرك و معان و الطفيلة و الزرقاء و جرش و العقبة و مدن أخرى كثيرة .
كما تشتهر بلاد الشام بانتاج كافة الحبوب و الخضروات و الفواكه و القطن و الفستق و الزيتون و البترول و الفوسفات و البوتاس و الاسمنت وا لصخر الزيتي ، كما يوجد فيها انهار الفرات و العاصي و بردى و الأردن ، و توجد فيها الاماكن الاثرية و الدينية و التاريخية ، و التي تشهد على عراقة هذا البلد و مشاركته في بناء الحضارة العالمية كونه يقع في وسط العالم القديم آسيا و أفريقيا و اوروبا ، و من هذه المواقع تدمر و بصرى و قلعة حلب و مدينة دمشق ، و بعلبك و صور و جرش و قلعة الكرك و البتراء و القدس و سبسطية و الخليل و اريحا و صور و مادبا و نهر الأردن و بيت لحم ، كما يوجد فيها المسجد الأموي في دمشق و المسجد الأقصى في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم و أضرحة الصحابة المنتشرة في بلاد الشام بما لا يعد و لا يحصى .. كما يوجد في بلاد الشام سلاسل الجبال الغربية و سلاسل الجبال الشرقية التي تمتد على طول بلاد الشام من الشمال و حتى الجنوب و وادي الأردن الذي يفصل بينهما ، كما توجد فيها السهول الواسعة الخصبة و البراري و الصحاري الواسعة و بادية الشام التي توصلها بالجزيرة العربية و العراق و كما هو معروف فان الشام و العراق و الجزيرة العربية تشكل منطقة جغرافية و سكانية و حضارية واحدة .
و لا استطيع أن أورد كل ما تحويه بلاد الشام من إمكانيات و ميزات ، و لكن منيريد الاطلاع فانه يعرف الكثير الكير عن قوة و امكانية بلاد الشام ، ما أود الوصول إليه هو أن بلاد الشام التي ذكرت و التي تتكون من ( سوريا ، لبان ، الأردن ، فلسطين ) ، بلاد غنية بموقعها و بامكانياتها و تاريخها و خضارتها و سكانها و اقطارها و سواحلها و جبالها و سهولها و انهارها ، و ما تحويه من كافة اسباب القوة تشكل دولة قوية و تتوفر فيها كل مقومات الدولة القوية و التي تستطيع أن تحفظ الاستقرار في هذه المنطقة الحساسة من العالم ، و تستطيع بما لديها من ثقافة و حضارة و موقع متوسط أن تلعب دورا فعالا في الاستقرار و نشر السلام و الخير و العدل في العالم ، و لا يخفى ما تضم هذه الدولة من اصول قومية و عرقية و ديانات مختلفة و غيرها مثل العرب و الشركس و الاكراد و الارمن و المسلمين و المسيحيين ، و كل هذا يشكل تلاحما قويا في إطار الوطن و كل من يساهم بدوره في بناء الدولة و التقدم و العمل بعيدا عن الحساسيات القومية و العرقية و الدينية في إطار القانون العادل الذي يحفظ حق الجميع بدون تفرقه أو تمييز أو تعصب ، و تكون هذه الدولة مثالا يحتذى به في العالم كله ، في التسامح الديني و العرقي ، لأنها اصلا هي منبع الديانات السماوية ، و انطلقت منها لتنتشر في العالم ، و من أهم أهدافها اسعاد الانسان في الدنيا و الآخرة.
و في هذا الإطار و بالتعاون مع محيطها العربي و سوف يكون الوضع الاقتصادي في الدولة جيدا بحيث يستفيد كل الناس من خيرات البلاد بعيدا عن التسلط و الطغيان و الظلم و الأنانية ، و بو حدة هذه البلاد تحل معظم مشاكل اقطارها في مطلع الألف الثالث للميلاد ، و ينتشر العدل و السعادة و الخير بين الناس الذين يجمعهم الايمان بالله و القيم النبيلة التي تقدر حرية الانسان و كرامته في ظل دولة عادلة قوية لا تشترك في احلاف أو حروب خارج حدودها الا في حالة الدفاع عن النفس فقط ، و تكون المحصلة دولة عادلة قوية مستقرة يعيش ابناؤها بمحبة و تسامح و تعاون ، رائدهم جميعا الايمان بالله و احترام العقل و العلم و العمل و العدل .
و قد ورد هذا في القرآن الكريم : ﴿ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلاحوف عليهم و لا هم يحزنون ﴾ .
و أخيرا اعتقد و يعتقد الكثيرون أن الشعوب في البلدان الاربعة لا تعارض اقامة الوحدة بين هذه الاقطار و جمعها في دولة واحدة تحكمها الديمقراطية الواعية في إطار دستور صالح و سليم و قوانين و أنظمة منبثقة من الدستور و جميعها تستلهم مضمونها من القيم العربية النبيلة الممتدة عبر التاريخ و مبادئ الإسلام الحنيف ، و ما يبدعه الانسان مما يفيد الناس و يحقق لهم الحياة الفضلى السعيدة في ظل دولة قوية عادلة مستقرة .